الرئيس جوزاف عون خطف قلوب اللبنانيين مقيمين ومغتربين
هناك ضغط كبير على لبنان ولن نرى مساعدات، ولا اعادة إعمار، الا اذا نفذ القرار 1701
محمد شقير لـ "بيروت تايمز"
المملكة العربية السعودية وقفت إلى جانب لبنان في الحرب والسلم، وسعت دائمًا إلى استقراره وازدهاره. كما أن دولة قطر لعبت دورًا محوريًا في دعم لبنان، من خلال مساعداتها للجيش والقوى الأمنية والمستشفيات. هذا التضامن الخليجي، في ظل صمود القطاع الخاص رغم الأزمات، يؤكد أن لبنان لا يزال يحظى بثقة أشقائه، وأن الاستقرار هو مفتاح النهوض الاقتصادي الحقيقي.
لن اترشح للانتخابات النيابية وسأكون داعم لاشخاص ليس فقط في بيروت بل خارجها ايضا
الاغتراب لعب دورا مهما في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة
بيروت – بيروت تايمز – اجرت الحوار منى حسن
في لحظة دقيقة من تاريخ لبنان الحديث، حيث تتقاطع الأزمات الاقتصادية والسياسية مع تطلعات شعبٍ يتوق إلى التغيير، يبرز اسم وزير الاقتصاد السابق محمد نزار شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية ورئيس غرفة بيروت وجبل لبنان، كأحد أبرز الأصوات الداعية إلى إصلاح بنيوي شامل. منذ تولّيه هذا المنصب عام 2018 خلفًا للوزير الراحل عدنان القصار، استطاع شقير أن يحظى بثقة واسعة من مختلف القطاعات الاقتصادية، مستندًا إلى خبرة طويلة في العمل العام والخاص، ورؤية واضحة لمستقبل الدولة.
ينتمي الوزير شقير إلى عائلة لبنانية عريقة في مجال الأعمال والتجارة، وهو نجل الراحل الكبير نزار شقير، رجل الأعمال المعروف ومؤسّس ورئيس مجلس إدارة مجموعة "باتشي" للشيكولاتة وهدايا علب الافراح الرائجة في لبنان، التي بدأت عام 1974 في بيروت، وتوسعت لتشمل 26 دولة حول العالم بفروع ومصانع ضخمة. شغل نزار شقير عضوية "المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى" منذ عام 2014، وكان يفتتح فرعًا جديدًا لـ"باتشي" كل ستة أشهر، حتى بلغ عدد فروعها حول العالم أكثر من 150 فرعًا. وادى دورًا محوريًا في تطوير القطاعين التجاري والصناعي في لبنان، وساهم في رفع اسم لبنان على الساحة الاقتصادية العالمية. كما أسهم في ترسيخ ثقافة المبادرة والمسؤولية الوطنية، وهي القيم التي يواصل نجله اليوم حملها وتطويرها.
في أبريل 2025، أطلق الوزير شقير ورقة إصلاحية بعنوان "تطلعات نحو لبنان الجديد"، شكّلت محطة مفصلية في الخطاب الاقتصادي اللبناني، إذ دعا من خلالها إلى تجاوز الشعبوية السياسية والانطلاق نحو عمل بنّاء يستند إلى الحوكمة والمكننة الشاملة، ويهدف إلى بناء دولة عصرية فعالة. وقد لاقت هذه الورقة اهتمامًا واسعًا في الأوساط الاقتصادية والإعلامية، لما تحمله من مقترحات عملية قابلة للتنفيذ، ولما تعكسه من إرادة حقيقية في إعادة هيكلة الدولة ومؤسساتها.
وفي حوار خاص مع صحيفة "بيروت تايمز"، شدد الوزير محمد شقير على أن قرار حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية قد تم التوافق عليه داخليًا وخارجيًا، مؤكدًا أن هذا السلاح لم يسهم في حماية لبنان، بل زاد من هشاشة الدولة ومؤسساتها.
ونوّه الوزير شقير بالدور التاريخي للمملكة العربية السعودية، التي وقفت إلى جانب لبنان في السلم والحرب، وسعت باستمرار إلى دعم استقراره وازدهاره. كما أشار إلى الدور المحوري الذي لعبته دولة قطر الشقيقة في دعم لبنان، من خلال تقديم المساعدات للجيش والقوى الأمنية والمستشفيات.
وأضاف أن هذا التضامن العربي والخليجي، في ظل صمود القطاع الخاص رغم الأزمات، يعكس استمرار ثقة الأشقاء العرب بلبنان، ويؤكد أن الاستقرار هو المدخل الأساسي للنهوض الاقتصادي الحقيقي.
في هذا السياق، تفتح بيروت تايمز مساحة حوارية مع الوزير شقير، تستعرض فيها أبرز محطات الورقة الإصلاحية، وتناقش رؤيته لمستقبل لبنان الاقتصادي، ودور القطاع الخاص في إعادة بناء الدولة، في ظل تحديات غير مسبوقة تتطلب شراكة وطنية مسؤولة ومقاربات جديدة.
الوزير محمد نزار شقير و الاعلامية منى حسن
وإلى تفاصيل الحوار الشيق:
■ هل نحن أمام خريف الحلول أم خريف الغضب؟
– أرى حلولًا في لبنان، كما أنني أرى أيامًا جميلة مقبلة على هذا البلد. مما لا شك فيه أن هذا العام كان أفضل بكثير من العام الماضي الذي شهد حربًا إسرائيلية شرسة. أنا لا أقول إن لبنان اليوم يشهد استقرارًا مئة بالمئة، على الرغم من استهدافات العدو الإسرائيلي المستمرة على لبنان.
■ كيف تقيمون موسم الاصطياف في لبنان؟ هل كان على قدر تطلعاتكم؟
– موسم الاصطياف في لبنان كان جيدًا، مع العلم أن الصيفية كانت قصيرة. نحن اعتبرنا أن موسم الاصطياف بدأ من 15 تموز وحتى اليوم. وقبله وقعت الحرب الإسرائيلية–الإيرانية التي أثّرت علينا. ولكن عندما أريد أن أقارن موسم الصيف الحالي بالموسم الماضي، أعتبره أفضل بكثير. بيروت وكل المدن على الأراضي اللبنانية استفادت من موسم الصيف.
■ إلى ماذا يحتاج لبنان اليوم؟
– لبنان يحتاج إلى الاستقرار، فإذا وُجد الاستقرار نستطيع أن ننجز الكثير من الأمور، وسنرى قريبًا تحسنًا في النمو. وحتى تعود العجلة الاقتصادية كما نطمح لها، يلزمها عاملان: الأول تنفيذ القرار 1701، والثاني أن يقف القطاع المصرفي إلى جانب القطاع الخاص. وأنا أقول بصراحة، رغم كل الظروف التي مر بها لبنان، فإن القطاع الخاص بقي صامدًا ولم نصل إلى الانهيار الكبير. ما شهده لبنان من أزمات، لو مرّ على دول أخرى، لكان الوضع أصعب بكثير.
■ نفهم من كلامكم أنكم تربطون استقرار لبنان بتنفيذ القرار 1701؟
– لنكن صريحين، هناك ضغط كبير جدًا على لبنان من أجل تنفيذ القرار 1701 وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية. لن نرى مساعدات، ولا إعادة إعمار، ولن نرى اقتصادًا كما نتمناه إلا إذا نُفذ القرار 1701.
الوزير محمد نزار شقير مع سماحة الشيخ محمد رشيد قباني ومع الرئيس نبيه بري
■ هل سيتم حصر السلاح قبل نهاية رأس السنة؟
– لا أعتقد أن الأمور ستتم بهذه السرعة. السلاح موجود في لبنان منذ 40 عامًا، مع الحزب ومع أحزاب أخرى. السلاح الفلسطيني لن يُسلّم خلال أربعة أو خمسة أشهر. خطة الجيش اللبناني ستُنفذ خلال 15 شهرًا، ونكون بذلك قد بدأنا على المسار الصحيح.
■ ما هي رؤية الوفود العربية والأجنبية التي تزور لبنان؟ وهل ينتظرون تطبيق القرار 1701؟
– الجميع يقولها بكل صراحة: لا إعادة إعمار ولا مساعدات إلا عبر تطبيق القرار 1701.
يعني كل الدعم الخارجي مؤجل إلى العام 2026؟
– نعم، إذا تم تنفيذ القرار 1701.
■ هل يمكن أن تعترض صعوبات تنفيذ القرار؟
– القرار يجب أن يُنفذ. السلاح أصبح عبئًا على الجميع: عليهم، وعلى البيئة الشيعية، وعلى كل لبنان. قرار حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية اتُخذ بالداخل والخارج. هذا السلاح لم يحمِ لبنان، بل هجّرني، دمّر بيتي وعملي وأرضي، وأسقط قتلى وجرحى. هذا السلاح لم يعد له قيمة. إسرائيل لا تحارب إلا بالاقتصاد. نريد نموًا واقتصادًا، ويوجد أدمغة في لبنان مهمة جدًا، هكذا نحارب إسرائيل. الناتج المحلي لإسرائيل يبلغ 500 مليار دولار، والناتج المحلي لدينا لا يُذكر. ما الذي ينقصنا حتى يصبح الناتج المحلي بمبالغ كبيرة ومهمة؟ نحن ينقصنا الاستقرار، وينقصنا حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية. ويجب أن نصل إلى مرحلة نؤمن فيها أن الدولة هي التي تحمينا. لا أحد يجب أن يضعف في لبنان. المسيحي عندما ضعف، لبنان أصبح ضعيفًا. والسنة عندما ضعفوا، لبنان أصبح ضعيفًا. ونحن لا نريد من الشيعي أن يضعف. الشيعي مكوّن أساسي في لبنان، ويجب على الجميع أن يفتخر بدولتنا القوية. أنا أريد أن أفتخر بدولتي القوية، لا ينقصنا سوى رؤية الدولة القوية. نحن بحاجة إلى الدولة وإلى فكر الدولة، ويجب أن نقتنع أن الدولة هي التي تحمينا فقط لا غير.
■ لماذا ربطتم الاستقرار بالمصارف؟
– اليوم أصبح لدينا مشروع هيكلة للمصارف. نحن بانتظار مشروع الفجوة المالية من قبل الحكومة، التي حمّلت مسؤولية الانهيار المالي إلى الدولة، ومصرف لبنان، والمصارف. وهنا الجرأة أن تتفق القوى السياسية مع بعضها البعض في تحمّل تقسيم المبالغ، لأن مجلس الوزراء لا يتحمل المسؤولية وحده فقط. على الدولة أن تتحمل المسؤولية، ومصرف لبنان، والمصارف. وإذا كنا نريد أن نبني الثقة المصرفية من جديد، على المصارف أن تعطي المودعين أموالهم. الواقع يقول إن أموال المودعين ستُقسم ولن تُعطى دفعة واحدة.
الوزير محمد نزار شقير مع السفير السعودي في لبنان وليد البخاري
■ ما هي كلمتكم للاغتراب اللبناني؟
– أنا لا أسميهم مغتربين، بل مقيمين في الخارج. الاغتراب لعب دورًا مهمًا في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة، وهم ساعدوا عائلاتهم وأقاربهم من أجل أن يصمدوا خلال الأزمة. ولولا هذه المساعدات من المغتربين في دول الخليج وأفريقيا، كان الوضع أصعب، بالإضافة إلى المساعدات من قبل المؤسسات، كل مؤسساتنا خيرية في البلد. وأنا هنا أطالب المغتربين، كما استفاد منهم لبنان، يجب أن يستفيدوا من لبنان.
■ كيف يمكن أن يستفيد المغترب من لبنان؟
– على المغترب اللبناني أن يستفيد من لبنان عبر تعديل القوانين الجديدة، وعبر الاستثمارات الجديدة، وعبر إقرار قانون ضرائب عصري حديث، وقانون ضمان اجتماعي جديد، وقضاء مستقل، وبنية تحتية. أنا أريد من المغترب اللبناني أن يستفيد عبر الاستثمارات الصغيرة، وأن يستثمر حتى يستفيد، خاصة في ظل المشاريع الأجنبية الاستثمارية، وأن يستثمر مع الأجنبي أكثر من استثماراته في مشاريع الدولة اللبنانية.
■ في أي قطاع يمكن أن يستثمر المغترب اللبناني في لبنان؟
– في قطاع مطار القليعات، ومطار بيروت، وقطاع الاتصالات والكهرباء. يوجد مشاريع استثمارية كبيرة في لبنان.
■ كرئيس غرفة التجارة والصناعة، ما هو دوركم اليوم؟
– غرفة التجارة والصناعة تلعب دورًا مهمًا على الصعيد الاقتصادي منذ سنوات طويلة. للأسف، كان هناك غياب للملف الاقتصادي في المرحلة الماضية، واستمررنا على الاتصال مع الدول العربية، وسافرنا حتى نقول إن لبنان لا يزال موجودًا. اليوم "إكسبو دبي" هو من إنجازات غرفة التجارة، وأيضًا "إكسبو قطر". لبنان يجب أن يبقى ويستمر على الخارطة، وما ينسونا العالم. نحن مررنا بأصعب ست سنوات من تاريخنا: فراغ رئاسي، حكومة مستقيلة، انفجار مرفأ بيروت، انهيار مالي، كورونا. ولولا القطاع الخاص الذي دفّى لبنان، لكان وضع لبنان أصعب بكثير. اليوم رواتب القطاع الخاص عادت كما كانت، أما رواتب القطاع العام فمعاشاتهم 25% عما كانت.
الوزير محمد نزار شقير مع الرئيس نجيب ميقاتي والرئيس سعد الحريري
■ هل ستترشحون للانتخابات النيابية المقبلة؟
– شخصيًا، لن أترشح للانتخابات النيابية، وسأكون داعمًا لأشخاص ليس فقط في بيروت، بل خارجها أيضًا.
■ كيف تقيمون عهد الرئيس جوزاف عون في ظل الدعم الدولي والإقليمي له؟
– الوزير محمد شقير عبّر عن إعجابه الكبير بالرئيس جوزاف عون، مشيرًا إلى أن حضوره القيادي والإنساني ترك أثرًا بالغًا في نفوس اللبنانيين داخل الوطن وخارجه. وقال: "لقد قلت لفخامة الرئيس خلال المؤتمر الاغترابي الأخير: أنت خطفت قلوب اللبنانيين، مقيمين ومغتربين. وهو فعلاً فعل ذلك، هو والسيدة الأولى، بأسلوبهما المتواضع والراقي".
وأضاف شقير: "أنا، وكل الناس من حولي، من أشد المعجبين به، وأتمنى له دوام الصحة والعافية وطول العمر، لأن المسؤوليات الملقاة على عاتقه كبيرة جدًا، وتتطلب حكمة وثباتًا في كل خطوة"، هذا التقدير الشعبي، إلى جانب الدعم الدولي والإقليمي الذي يحظى به الرئيس عون، يعكس مرحلة جديدة من الثقة في القيادة اللبنانية، ويعزز الآمال بإعادة بناء الدولة على أسس العدالة والشفافية.
■ وماذا عن دور الحكومة ومجلس النواب؟
– أكد الوزير محمد شقير أن الحكومة تقوم بدور بالغ الأهمية، مشيدًا بجهودها في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية. وأضاف أن التنسيق بين الوزارات والحرص على استمرارية العمل الإداري يعكس جدية في التعاطي مع الملفات الملحة.
كما شدد على أهمية الدور الوطني الذي يؤديه رئيس مجلس النواب نبيه بري، معتبرًا أن حكمته ومواقفه الثابتة كانت عنصرًا أساسيًا في الحفاظ على التوازن السياسي خلال الفترات الحرجة، وساهمت في حماية الاستقرار الداخلي وسط الأزمات المتلاحقة.
■ هل سيعود لبنان إلى مجده الاقتصادي في عهد الرئيس جوزاف عون؟
الوزير محمد شقير عبر عن تفاؤله الكبير بعهد الرئيس جوزاف عون، معتبرًا أن المؤشرات الحالية تبعث على الأمل. ويشير إلى أن القرارات التي يتخذها ومجلس الوزراء، لا سيما تلك المتعلقة بإصلاح القضاء، والتعيينات الإدارية الأخيرة، وملاحقة الفاسدين، تشكّل خطوات جريئة نحو استعادة الثقة الداخلية والخارجية بالدولة اللبنانية.
ويضيف شقير أن هذه الدينامية السياسية والإدارية، إذا استمرت بوتيرتها الحالية، قد تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعافي، تعيد إلى لبنان صورته كـ"سويسرا الشرق" بلد الاستقرار، والانفتاح، والازدهار الاقتصادي.
■ هل سينجح لبنان في مكافحة الفساد والفاسدين؟
– النجاح في مكافحة الفساد في لبنان ليس مستحيلًا، لكنه يتطلب إرادة سياسية واضحة، أدوات تنفيذية حديثة، وتعاونًا فعليًا بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني. الوزير محمد شقير يرى أن الطريق يبدأ بالمكننة والخصخصة، أي تحويل الإدارات العامة إلى أنظمة رقمية شفافة، حيث تصبح العلاقة بين المواطن والدولة عبر الهاتف أو شاشة الكمبيوتر، لا عبر الوساطات والمحسوبيات.
هذا التحول الرقمي لا يقتصر على تحسين الخدمات، بل يقطع الطريق على الفساد الإداري والمالي، ويمنح المواطن قدرة على المتابعة والمساءلة. كما أن القضاء المستقل، وتحديث القوانين، وتفعيل أجهزة الرقابة، كلها عناصر أساسية في بناء منظومة مكافحة الفساد.
لكن التحدي الأكبر يبقى في التطبيق. فلبنان شهد محاولات متكررة لمكافحة الفساد، لكنها غالبًا ما اصطدمت بجدران المحاصصة السياسية أو غياب المتابعة القضائية. ومع ذلك، فإن وجود دعم دولي وإقليمي، إلى جانب ضغط شعبي متزايد، قد يشكل فرصة حقيقية لتغيير هذا الواقع.
الوزير محمد نزار شقير
■ كلمة الى قراء بيروت تايمز واللبنانيين المنتشرين في العالم
بكل محبة واحترام، أتوجه بكلمتي هذه إلى قرّاء بيروت تايمز وإلى اللبنانيين المنتشرين في العالم، الذين يشكلون الامتداد الطبيعي لوطنهم، والركيزة الأساسية لصموده واستمراره. أنتم لستم فقط سفراء لبنان في الخارج، بل أنتم شركاء في بنائه، في اقتصاده، وفي صورته التي نعتز بها. لقد أثبتم في أصعب المراحل أنكم القلب النابض لهذا الوطن، وأن ارتباطكم به ليس عاطفيًا فحسب، بل عمليًا وفعّالًا. دعمكم لعائلاتكم، استثماراتكم، مساهماتكم في المؤسسات، كلها كانت وما زالت تشكل فارقًا حقيقيًا في حياة اللبنانيين.
لبنان اليوم بحاجة إليكم أكثر من أي وقت مضى. بحاجة إلى ثقتكم، إلى أفكاركم، إلى استثماراتكم، وإلى إيمانكم بأن هذا الوطن يستحق فرصة جديدة. نحن نعمل من أجل دولة قوية، عادلة، شفافة، تحمي أبناءها وتحتضن طاقاتهم. دولة لا تُبنى إلا بكم ومعكم. رسالتي لكم أن تبقوا على تواصل دائم مع لبنان، أن تطالبوا بحقوقكم فيه، وأن تستفيدوا منه كما استفاد منكم. فلبنان لا ينهض إلا بجميع أبنائه، المقيمين والمغتربين، المتجذرين فيه والمنتشرين حوله.
من بيروت إلى كل مدينة تحتضنكم، أقول لكم: أنتم الأمل، أنتم الامتداد، وأنتم الشراكة الحقيقية في مستقبل لبنان.
Comments