الاقتصاد الدولي يتغير

07/31/2024 - 05:28 AM

Prestige Jewelry

 

 

بقلم الدكتور لويس حبيقة

 

يتفكك الاقتصاد الدولي بعد عقود طويلة بنى خلالها العالم ما سمي بالعولمة أي الغاء الحدود الاقتصادية وزيادة التبادلين التجاري والمالي بين جميع الدول. أصبح العالم "قرية واحدة" تنمو أقسامه بشكل متواز وان يكن بنسب مختلفة. أما اليوم يعود العالم الى وضع حواجز جديدة بين الدول مما يعرقل النمو المستقبلي وسيؤدي الى نزاعات على الموارد الحيوية كالطاقة والغذاء. العوامل الضاربة للعولمة كانت الكورونا والحربين الأوكرانية والغزاوية والصراع الأميركي الصيني. من نتائج هذه الوقائع تحويل النشاط الانمائي الى داخل كل دولة عوض أن يكون مشتركا.

من نتائج التفكك عاملان مهمان هما أولا الحروب التجارية كما يجري بين الغرب والصين وبين الغرب وروسيا، وثانيا انتشار السياسات الصناعية دوليا وبالتالي العودة الى الانغلاق. يتم ذلك عبر الدعم وسياسات تنشيط الصادرات كما تخفيف الواردات عبر التعريفات وإنتاج بدائل داخلية.

هنالك جو عالمي جديد يعيدنا الى الوراء ليس لأن العولمة فشلت بل لأن المستجدات السياسية والصحية فرضت ذلك. فالعولمة عمقت الفجوات في توزيع الدخل والثروة بين الدول الغنية والفقيرة كما بين الميسورين والفقراء داخل كل دولة. هنالك نقمة شعبية موضوعية ضد العولمة نمت بسرعة حتى قبل الكورونا لكنها بقيت محدودة حتى سنة 2019.

أين أصبحت توصيات منظمة التجارة العالمية التي أسست لتحرير التجارة الدولية؟ أين هو جهاز فض النزاعات داخلها الذي ساهم سابقا في حل مشاكل تجارية كبرى بين أوروبا والولايات المتحدة؟ هنالك دول بينها الولايات المتحدة لم تعين الخبرات المطلوبة داخل الجهاز وبالتالي عطلته.

في الاحصائيات الحديثة، تضاعف عدد القيود على التجارة والاستثمارات الدوليين 3 مرات منذ 2018. تشير الأرقام الى أن الاستثمارات المباشرة تتركز ضمن مجموعة دول حليفة، وبالتالي لا تبغي الربح فقط بل تراعي مصالح سياسية واضحة.

من نتائج الخلاف الصيني الأميركي مثلا تخفيف قيمة المحفظة الصينية من سندات الخزينة الأميركية بنسبة 11% بين شباط وأيلول 2022. قال الراحل "هنري كيسينجر" في عيده المئة وهو الذي أسس العلاقات الأميركية الصينية أن على الدولتين بناء استراتيجية مشتركة جديدة تجنبا لأي مواجهة مباشرة مستقبلية.

لم تنجح العولمة لأن ضحاياها كانوا كثر وهم فقراء العالم. لكن هنالك أيضا نتائج جيدة أهمها صعود دول من مستويات اقتصادية متدنية الى أخرى مرتفعة كالصين والهند. أين كانتا وأين أصبحتا؟ بدأ التفكك الاقتصادي العالمي في سنة 2019 ومن نتائجه التضخم العالمي لأن الاقفال والانحسار وسلاسل الامدادات جميعها تسبب ارتفاع الأسعار.

من نتائجها الأزمات المصرفية الناتجة عن غياب عمليات الرقابة الجدية كما بسبب المواضيع الصحية والتجارية الأكثر أهمية. تؤثر هذه الأزمات على فرص اقراض الأسر كما الشركات الناشئة التي تحتاج للمال للاستثمار في المستقبل. هل تم حل الأسباب التي أدت الى الأزمات المصرفية الحديثة؟ حتما لا اذ أنها تتكرر بين فترة وأخرى. ما يجري حتى اليوم هو معالجة نتائج الأزمات المصرفية دون معالجة الأسباب.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment