حوار المسيرات.. والذاكرة المثقوبة

04/22/2024 - 21:42 PM

بيروت تايمز

 

 

عدنان القاقون*

 

من دون مواربة او مفردات تجميلية، السؤال المستحِقّ هو: هل حملت عملية السابع من أكتوبر في طياتها شهادة "استشهاد القضية الفلسطينية؟.

السؤال الصعب يخرج من رحم الواقع الاصعب، والآتي من الايام حبلى بمفاجآت تسونامي ما بعد طوفان الاقصى.

لقد شكل الشقاق الداخلي في ثمانينات القرن الماضي نواة انهيار القضية الفلسطينية، واستُخدمت الفصائل المسلحة ذات البعد الديني في تآكل الوعود التي قدمت للفلسطينيين في مفاوضات اوسلو وما بعدها.

اليوم حلم "الدويلة الفلسطينية" تلاشى، والقضية التي شغلت الشعوب على مدى ثمانية عقود تنتظر تحضير البيئة الاقليمية والدولية المناسبة لاطلاق مراسم.. الوفاة.

الاحداث تمضي وفق سيناريو دقيق متقن منذ انفجار "طوفان الاقصى" والعشوائية الوحيدة التي ظهرت هي في عشوائية آلة القتل الاسرائيلية في قطاع غزة.

اليوم، العالم الحر المتمدن تناسى اغتيال الانسانية في غزة وجنوب لبنان وغيرها من دول المحيط التي تطالها يد الاجرام الاسرائيلية، والتركيز على ما بعد "حوار المُسيرات" بين طهران وتل ابيب، هذا الحوار الذي تديره الادارة الاميركية باتقان انطلاقا من غرف المراقبة في البنتاغون.

ولكن ما سر هذه العودة الاميركية الى المنطقة بعد سلسلة اجراءات صبت جميعها في خانة الانكفاء، بدءا من انسحابها من افغانستان، وصولا الى تقليص تواجدها العسكري في العراق وسوريا، وكل ذلك بهدف التفرغ لمواجهة التنين الصيني القادم الى مسرح الشراكة العالمية .

مع اندلاع الحرب الروسية الاوكرانية، وجدت ادارة الرئيس الاميركي جو بايدن نفسها امام واقع جديد يلقي بتداعياته في ميدان الشرق الاوسط ويهدد موازين القوى والتفاهمات التي ابرمت فيها ، فكان ان فرض عليها العودة للقيام بدور ضابط الايقاع .

وبعيدا عن سر الاسرار في توقيت ونوعية عملية السابع من اكتوبر، اذ ان التاريخ وحده كفيل بسبر اغوار حقيقة دوافع الطوفان، تزامنت العودة الاميركية الى المنطقة مع حملات الانتخابات الرئاسية الاميركية وهو الامر الذي يحتاج مهارة في استثنائية للتعامل مع تسونامي الطوفان والبيت الابيض لن يغامر باية قطرة دماء. 

اصطدمت الادارة الاميركية بحليف عاق في اسرائيل يتمثل في رئيس حكومة وجد في عملية السابع من اكتوبر منصة لانقاذ تاريخه في الداخل. وتجاوز نتانياهو في معركة تحصين موقعه السياسي بداعي استعادة هيبة الجيش الاسرائيلي خطوط التفاهم بقصفه القنصلية الايرانية في دمشق وهو الامر الذي هز منصة ضابط الايقاع وهدد بالانتقال الى مرحلة جديدة من الصراع . الا ان الادارة الاميركية وجدت نفسها في المقابل تتعامل مع حنكة ايرانية تجيد تجيير المواقف والمحطات لمصالحها الاسترتيجية. 

لقدعكس رد المسيرات الايرانية التي سلكت مسار الامان نحو تل ابيب، ومن عقبه الرد الاسرائيلي على الرد الايراني، قدرة ضابط الايقاع الاميركي على الامساك مجددا بمفاصل السيمفونية .والجميع خرج راضيا، اسرائيل ارضت غطرستها، وايران سجلت للتاريخ بانها اول دولة تستهدف اسرائيل من اراضيها بعد 45 عاما على ولادة الجمهورية الاسلامية .

في ضوء هذه المعطيات، ومع تسارع عداد الايام نحو الموقعة الرئاسية الاميركية فان الاشهر المتبقية تحمل جعبتها الكثير من المفاجآت، فالجمهورية التي تصدح جوامعها اسبوعياً بشعار الموت لاميركا تحاور "الشيطان الاكبر" بطريقة او باخرى، وتتعزز احتمالات التوصل الى اتفاق ايراني اميركي جديد قبل فتح صناديق الاقتراع الاميركية في نوفمبر.

يبقى السؤال الاهم ماذا عن الاوضاع في الضفة الغربية وغزة وجنوب لبنان؟

ذاكرة الشعوب العربية مثقوبة.!.

 

* كاتب صحافي ومحلل سياسي لبناني، يمتلك خبرة واسعة في المجال الإعلامي. يُعدّ من الأصوات المؤثرة في الساحة الإعلامية العربية. بدأ مسيرته المهنية في لبنان مع جريدة الأنوار الصادرة عن دار الصياد. انتقل بعدها إلى الأنباء الكويتية ثم رئيسًا للأخبار المحلية في القبس الكويتية. كما عمل مستشارًا لوزير الأعلام في الكويت. يتمتع بخبرة واسعة في مجال إنتاج الأفلام الوثائقية. يتميز بأسلوبه الرصين، وكتاباته الهادفة التي تُلامس قضايا الساعة 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment