اليورو نموذج صالح؟

04/10/2024 - 08:11 AM

وائل كفوري

 

 

بقلم الدكتور لويس حبيقة

 

هنالك أكثر من 100 نقد يتم تداوله عالميا. هل هذا صحي؟ هل هذا منطقي؟ هل يساعد على تحسين التبادل التجاري والمالي؟ هل يعزز حظوظ النمو الاقتصادي بل التنمية الاجتماعية؟ تعقد مئات المؤتمرات الدولية سنويا ويتم تجاهل هذا الموضوع ربما بسبب قوة من يربط النقد بالسيادة وهذا وان يكن مفهوما، هو غير منطقي.

اذا كان من المستحيل الوصول الى نقد واحد عالميا، فلما لا تحاول الدول والمؤسسات النقدية الاقليمية والعالمية تخفيض العدد الى خمسة مثلا؟ هنالك تقصير ربما لأن المشاكل الاقتصادية الأخرى تعتبر ذات أهمية أكبر أو أن وراءها مصالح لا يمكن ازاحتها أو مواجهتها بسهولة.

هنالك اقتصادي كبير سبق عصره في هذا المجال وهو الأميركي "شارلز كندلبرغر" الذي أصدر أكثر من 30 كتاب معظمهم معروف في الأوساط الأكاديمية كما في مجتمع الأعمال. قال كندلبرغر أنه يجب الوصول الى نقد واحد عالمي لأن في ذلك تشجيعا للتجارة، للاستثمارات كما للازدهار الاقتصادي العام. نقد واحد يسهل كل شيء ويخفف من تكلفة وعناء التحويل النقدي كما يسهل استعمال التقنيات المتوافرة لمواجهة التضخم.

لا عجب في أن يكون هذا النقد الواحد في رأي كندلبرغر هو الدولار الأميركي، واذا كان واجبا وجود عملات أخرى لأسباب سياسية أو وطنية أو تاريخية أو غيرها، فلتربط في رأيه بسعر صرف ثابت تجاه الدولار مما يعيدنا عمليا الى نقد واحد عالمي. لا ننسى هنا ما قاله وزير المالية الأميركي السابق "جون كونالي" أن الدولار هو نقدنا لكنه مشكلتكم.

نظرية كندلبرغر لم تعرف كغيرها أي مثلا كنظريات "فريدمان" أو "كينز" لكنها لا تقل أهمية. فهو لا يشاطر فريدمان الذي طالب بأسعار صرف حرة تقوم المصارف المركزية بتحريكها تبعا للمصالح الوطنية كما يجري اليوم. فهو لا يشاطر كينز الذي قال أن السياسة المالية الوطنية وخاصة الضرائبية تتعطل اذا هدفت السياسة النقدية الى ربط النقد الوطني بالدولار بسعر ثابت.

لذا اعتبر كندلبرغر أن قرار فك ربط الدولار بالذهب بسعر ثابت أي انهاء اتفاقية "بريتون وودز" الذي اتخذه الرئيس نيكسون سنة 1971 كان جريمة. اعتقد كندلبرغر أن العودة الى تقلبات أسعار الصرف سيقلل استثمارات الدول الغنية في الفقيرة بسبب ارتفاع المخاطر والاضطرابات المالية. ما يجري اليوم عمليا يشير الى أن كندلبرغر كان على حق.

الاتفاق على نقد مشترك واحد ليس سهلا لكنه يسهل العلاقات الاقتصادية. يجب قبله تأسيس مصرف مركزي واحد للاشراف على النقد. نعلم جميعا الصعوبات التي وقفت في وجه تأسيس نقد واحد خليجي، فكيف بتأسيس نقد واحد عربي. التجربة الأوروبية تشجع على التوجه نحو الوحدة النقدية. هنالك فارق كبير بين اليورو والعملات الوطنية الأوروبية السابقة التي لم تكن جميعها ضعيفة لكنها لم تكن تتمتع بالامتداد والثقة الدوليين كما هو حال اليورو.

اذا كان من المستحيل تقليل عدد العملات اليوم، فليبقى هذا حلمنا الطويل الأمد.

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment