الموازنة من جيوب الناس وليست من أصحاب الأموال لنتريث لعام 2020

05/27/2019 - 23:37 PM

Nanour

 

الهام سعيد فريحة 

حزمت الدولة أمرها: كانت أمام خيارين، إما استرجاع الأموال المسلوبة والمنهوبة، وإما مد اليد على جيب المواطن. سارت بالخيار الثاني لأنها اعتقدت انه الأسهل والأسرع ولا يسبب "وجع رأس"، وقد فاتها ان العكس هو الصحيح.
هي تعرف ان الاموال المسلوبة من شأن استردادها البدء بسد العجز، لكنها لم تجرؤ، وعلى الأرجح لن تجرؤ، فذهبت إلى الإجراءات السهلة اعتقادا منها انها تُغني عن الإجراءات الصعبة. وأكثر من ذلك فهي أوهمت الجميع أنها لن تقترب من ذوي الدخل المحدود. 
كيف ذلك؟ 
***
يقولون: أن الزيادات لن تطال ذوي الدخل المحدود... بالله عليكم، كيف ستمررون هذه الهرطقة؟ هل تعتقدون بأن اللبناني ساذج إلى هذا الحد ليصدقكم؟ إن اللبناني يعرف حق المعرفة ان الزيادة الجمركية بنسبة ٢% ستستتبع حكمًا بزيادات وبنسب أكبر حتى على المنتجات المصنعة في لبنان. واستطرادًا هل تعرفون لماذا؟ لأن غالبية المواد الأولية مستوردة، كما ان غالبيتها غير معفاة من الرسوم الجمركية.
***
هذه انتكاسة أولى، أما الإنتكاسة الثانية فتتمثَّل في ما يلي: الزيادات ستشمل خدمات المهندسين والاطباء والمحامين بنسبة 11 في المئة، كيف ذلك؟ 
إحدى مواد الموازنة تفرض ضريبة على القيمة المضافة على المؤسسات التي حجم أعمالها خمسون مليون ليرة، بعدما كانت الضريبة على القيمة المضافة تشمل المؤسسات التي حجم أعمالها مئة مليون ليرة. هذا يعني ان الكثير من المؤسسات ستكون خاضعة لضريبة القيمة المضافة، وعليه فإن أصحابها سيعمدون إلى إضافة 11 في المئة على أعمالهم وأتعابهم التي يتقاضونها من المواطنين. 
في المقابل، والمضحك المبكي في كل ذلك، ان هناك إعفاءات ضريبية ليس فقط على الغرامات وإنما على اساس الضرائب المتوجبة سابقا وغير المسددة،غالبيتها لكبار التجار والمتمولين.
***
إنها، في اختصار، موازنة من جيوب الناس لأصحاب الاموال، وموازنة من القطاع الخاص للقطاع العام، لكن هل خطر في بال أحد ان فرض الرسوم على الإستيراد سيؤدي إلى نتائج عكسية ومنها:
خفض حجم الإستيراد بسبب الكلفة الباهظة.
ارتفاع نسبة التهريب لتفادي الرسوم.
انكماش اقتصادي بسبب ضعف القدرة الشرائية لدى المواطن. 
***
في المحصِّلة، لم يعد هناك من قدرة للمواطن على تحمل الأعباء الضريبية: كان المواطن يصرف على نفسه وعلى عائلته فبات ملزمًا عليه أن يصرف على خزينة الدولة. هذه الخزينة "المثقوبة" التي تتسرَّب منها الأموال غالبًا من دون وجه حق.
لكن للمواطن طاقة على التحمُّل، فهو إذ سيتحمَّل مرغمًا ومكرهًا، ولآخر مرة ربما، تمويل الموازنة، فمَن سيتحمَّل التمويل لموازنة 2020 التي بدأت تطل برأسها؟
***
كانت الخشية من أن تفلِّس الدولة، لكن الذي حصل ان الخشية إنقلبت على المواطن دون غيره: اليس إفلاس المواطن هو الطريق الاسهل والأسرع؟ ستخرج أصوات كثيرة لتقول بعكس ذلك ولتعطي نفحة إيجابية للموازنة، ولكن مهلًا: الإيجابية مطلوبة لكن شرط أن تكون واقعية، فأين الواقعية في الحديث عن الإيجابية؟
***
في الوضع الحالي إن الأمور قائمة على ما يلي:
موارد تمويل موازنة 2019، هذا إذا تحققت كلها، لن تتوافر لموازنة 2020. عندها سيكون على الدولة ان تطرق الابواب التي لم تجرؤ يومًا على طرقها:
الأموال المسلوبة والمنهوبة!
يا سادة: لا تضيِّعوا البوصلة، ما لم تصلوا إلى الأموال المسلوبة فإنكم لن تصلوا إلى ضخ الأموال في الخزينة المترهِّلة. 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment