اكتسب الذهب سمعةً طيبةً كملاذ آمن للاقتصاد العالمي في الأوقات العصيبة وهو أحد الأسباب التي أدت إلى تدفق المستثمرين إلى الاستثمار فيه ما بين العامين 2007 والعام 2011 حيث تضاعفت قيمته ثلاث مرات تقريباً في تلك الآونة، إلا أن للاستثمار بالذهب مخاطر لا يمكن إغفالها، وأحد المكونات الرئيسية التي تحدد سعر الذهب لا يتعلق فقط بالاستخدام الحقيقي له، إذ يرتبط سعر الذهب ارتباطاً وثيقاً ببساطة بعامل الطلب وهذا ما يعني أن سعره عادةً ما يكون شديد التقلب، وبنظرة عامة إلى أسعار الذهب نلحظ انخفاضاً يزيد عن 25% بعد وصوله إلى أعلى مستوياته عام 2011 وانخفاضاً بنسبة 40% عن ذروة السعر في بعض الأوقات.

ويعاني الاستثمار في الذهب أيضاً من حقيقة أنه لا يجذب الاهتمام ولا يفرز أي أرباح، وفي حال ارتفعت أسعار الفائدة ينصرف الاهتمام عن الذهب ويتجه إلى المحافظة على الأرصدة النقدية، وبالتالي فإن التركيز على الاستثمار في سلعة واحدة فقط "وهي الذهب هنا" هي استراتيجية محفوفة بالمخاطر، ولهذا فإن المستثمرين عادةً ما يفضلون الاستثمار في الذهب بنسبة صغيرة من محافظهم الاستثمارية المتنوعة تحسباً للمخاطر التي قد تنشأ على صعيد الاقتصاد العالمي، ووفقاً لهذا النهج الاستثماري هنالك طرق عدة للاستثمار في الذهب وهي:

• اقتناء الذهب

يمكن لأي كان أن يشتري العملات والسبائك الذهبية وأن يحتفظ بها أو أن يودعها لدى تاجر أو شركة استثمارية متخصصة، إذ تعد العملات السيادية في المملكة المتحدة على سبيل المثال من أكثر الطرق شيوعاً لشراء الذهب لأن بعضاً من هذه العملات لا تخضع لضريبة الأرباح، ولا يمكن إغفال أن في اختلاف العملات تختلف معها القيمة، إذ تعتمد قيمتها أيضاً على تنوع الطلب على العملات المختلفة من حيث تاريخها وتصميمها ووزنها، وبالمقابل يمكن شراء السبائك الذهبية إلا أنها باهظة الثمن بالنسبة لمعظم المستثمرين وقد تلزم المستثمر عندئذ دفع ضريبة أرباح عند البدء بالتداول.

من الصعب تقدير التكلفة الدقيقة للاستثمار بهذه الطريقة إذ إن تجار الذهب عادةً ما يجنون الربح من الفارق الناتج ما بين سعري البيع والشراء وبالتالي يمكن أن تتراوح الخسارة عند المبيع من 3% إلى 5% من قيمة المبيع وفقاً لهذه الطريقة، فضلاً عن تكاليف التخزين أي أن في تخزين الذهب مخاطر كبيرة ولا يشمل التأمين المنزلي عادةً المقتنيات الذهبية الثمينة فلذلك يلجأ المستثمرون إلى التخزين مع وكلاء أو شركات استثمارية متخصصة وعادةً ما يدفعون أجوراً لقاء هذه الخدمات، وفي المملكة المتحدة على سبيل المثال تبدأ أسعار الخدمات التخزينية للذهب لدى شركات التخزين المتخصصة من 10 جنيهات إسترلينيه في الشهر الواحد.

• تجارة الذهب دون اقتنائه

إن أحد التطورات الحديثة نسبياً في عالم الاستثمار في الذهب هو نمو منصات الاستثمار التي تمكن المستثمرين من شراء وبيع الذهب، وتعمل الشركات المضيفة لهذا الاستثمار على تخزين الذهب في خزائنها الخاصة وهو ما يوفر الأمان للمستثمر مع إمكانية تداول الذهب بكميات قد تكون صغيرة أو كبيرة حسب الرغبة، وعادة ما تفرض الجهات الراعية لهذا الاستثمار رسوماً على كل من عمليات الشراء والبيع فضلاً عن ضريبة القيمة المضافة السنوية.

• بورصة السلع المتداولة

يتم تنظيم بورصة السلع المتداولة على شكل أسهم بحيث يتم شراؤها وبيعها من خلال المنصات الاستثمارية، ويعتبر التداول بالذهب في البورصة منخفض التكلفة لناحية تكاليف التخزين إذا ما قارناه بالطرق السابقة المتمثلة بالاقتناء الشخصي أو الاقتناء لدى وكيل مختص بالمعادن الثمينة، ويعتمد هذا على المنصة يجري فيها التداول إذ تختلف رسوم التداول (البيع والشراء) عبر الإنترنت باختلاف المنصة الاستثمارية، وتقتطع هذه الرسوم عادةً بشكل سنوي وقد يكون هناك رسوم إضافية تختلف باختلاف البلد الذي تقيمون فيه.

• الصناديق الاستثمارية والأسهم

من طرق الاستثمار الأخرى هي طريقة الاستثمار عن طريق شراء أسهم الشركات العاملة في مجال الذهب، كشركات التنقيب والاستخراج والتوزيع، ويجب الأخذ بعين الاعتبار عند اعتماد هذه الطريقة كنهج استثماري أن سعر الأسهم والصناديق الاستثمارية يعتمد على عوامل متعددة، فهناك التكاليف الباهظة التي ينطوي عليها العمل على استخراج الذهب والتنقيب عنه فضلاً عن تأثير تحركات السوق، إلا أن اللجوء إلى تداول الذهب عن طريق الأسهم - تحسباً لمخاطر انهيار سوق الأوراق المالية – سيقلل من التأثيرات السلبية لأي انهيارات من هذا النوع.

Share

Comments

Add your comment