bah الزراعة تحرك الشعوب - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

الزراعة تحرك الشعوب

03/17/2025 - 19:05 PM

بيروت تايمز

 

 

 

بقلم الدكتور لويس حبيقة

 

يعتبر قطاع الزراعة الأول في التراتبية الزمنية لقدمه، علما أن حجمه الاقتصادي تقلص نسبيًا مع تغير هيكلية الاقتصادات وتطور حاجات الإنسان. الزراعة بعيدة عن مركز القرار في العاصمة وبالتالي ينساها السياسيون الذين لا يجدون على أبوابهم الا التجار والمسوقون للسلع والخدمات. ينسون مطالب القطاع الزراعي البعيد الذي لا يرفع صوته الا نادرا، علما أن دوره حيوي ولا حياة من دونه. عالميًا القطاع الثالث أي الخِدْمَات يسيطر على كل الاقتصادات وان يكن بنسب مختلفة تاركَا الصناعة في المركز الثاني. تطور التكنولوجيا الى حدود مذهلة وامتداد الذكاء الاصطناعي الى كل أنحاء المجتمعات غيرا دور قطاع الخدمات وجعلاه المؤثر الأول على حياة الانسان. اهتمام الانسان بالسياحة والسفر والتكنولوجيا يطغى اليوم على اهتماماته الأخرى من حاجات وسلع منزلية وغيرها.

لا أحد ينكر بالرغم مما سبق أن القطاع الأول الزراعي يبقى الأكثر ضرورة عبر انتاج الغذاء الذي من دونه لا حياة على هذه الأرض. تكتل الغذاء، المياه والمناخ هو المتضرر من التقدم المجتمعي بالرغم من أهميته، لذا يضطر لرفع الصوت دوريا محاولا أخذ الحقوق المادية التي يستأهلها. مشكلة القطاع الأول أن اصلاح أضراره تكون مكلفة ولا تعيد الأوضاع الى سابق عهدها. يشهد عليه قطاع البيئة والتلوث المناخي والمائي والهوائي حيث لا عودة الى الوراء بالرغم من كل المؤتمرات والتوصيات والمحاولات. تخفيف الأضرار لا يعني الغائها وبالتالي تختلف النتائج المنتظرة.

ما يجرى دوريا في أوروبا ومنذ وقت غير قصير هو انتفاضة المزارعين على الأسواق وقرارات الحكومات التي في رأيهم تسيء اليهم. تحرك المزارعين مدعوم من المواطنين كما تشهد عليه كل استطلاعات الرأي. ما يجري في أوروبا اليوم يجري أيضا أو سيجري في كل دول العالم اذ أن المزارع مهمل وحقوقه ضائعة بالرغم من المهمات الانتاجية الأساسية التي يقوم بها لمصلحة سكان الأرض. هنالك منظمات عديدة دولية وحكومية وخاصة تحاول حماية حقوق المزارعين، الا أنها لم تنجح كما يجب حتى اليوم بسبب وجود قوى نفوذ تفشلها لغاياتها المادية.

هنالك قوى زراعية من نقابات وتجمعات وجمعيات تطالب بحقوق المزارع ومستعدة للذهاب بعيدا لتحصيل حقوقها من السلطات الرسمية التشريعية والتنفيذية. بعد انتفاضة المزارعين الفرنسيين حديثا خلال المعرض الزراعي السنوي، وعدوا من قبل الحكومة مجددا بتلبية مطالبهم لذا عادوا الى منازلهم وحرروا كل الطرق التي قطعوها حتى تلك الواقعة على أبواب العاصمة باريس. لم يكن التحرك فرنسيا فقط بل أوروبيا أيضا، اذ قام بنفس التحرك مزارعو بلجيكا وهولندا وبولندا ورومانيا واسبانيا والبرتغال واليونان وغيرهم لأن المشاكل مشتركة والتقصير واحد والاهمال واضح والحلول مؤجلة.

ضعف القطاع الزراعي يؤدي الى ارتفاع تكلفة الاستيراد في الغذاء وغيره من السلع مما يضر بميزان المدفوعات وأسعار الصرف. هنالك مؤسسات دولية تابعة للأمم المتحدة ترعى القطاع وفي قدمها منظمة الأغذية الموجودة في روما والتي تقوم بأعمال كبيرة لمصلحة القطاع.

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment