بقلم الدكتور لويس حبيقة
هنالك مبالغات حول أهمية المؤشرات المالية العامة التي يجب احترامها والبقاء دون سقوفها. نتكلم في المجتمعات عن خطورة عجز الموازنة وحجم الدين العام كما عن أوضاع الميزان التجاري وغيرها من المؤشرات المالية. لكننا ننسى أحيانا أن هذه المؤشرات تصب في آخر المطاف في الملف الاقتصادي وما يحمله من دلالات كبيرة تؤثر على الحاضر وخاصة على المستقبل. تكمن أهمية المؤشرات المالية في تأثيرها على المؤشرات الاقتصادية وأهمها نسبة البطالة ودرجة النمو وتوزع التنمية وسؤ توزع الدخل والثروة وغيرها.
اذا كانت المؤشرات المالية سيئة، تتاثُر المؤشرات الاقتصادية حكما وبالتالي يتضرر المواطن في معيشته ومستقبله. ما الذي يفعله الجميع اليوم في ظل حربين كبيرين وأوضاع غير مريحة؟ في الأسر كما الشركات والقطاع العام، هنالك موجة تقشف عبر تخفيف الانفاق غير المجدي لأن الظروف السياسية غير مستقرة والتنبه الى الايرادات والانفاق هو حتما في محله. الفارق بين الحكومة والقطاع الخاص هو أن باستطاعتها تمويل الانفاق عبر الكتلة النقدية بينما لا يستطيع القطاع الخاص ذلك. تمويل الحاجات المالية من الاصدارات النقدية يمارس لكنه يؤدي الى التضخم الذي يجب تجنبه.
لكل حكومة أهداف تحاول تحقيقها. فالأرقام التي تتوافر للمسؤولين تكون أحيانا معقدة أو متأخرة أو ناقصة، وبالتالي يهمل الأهم خطأ لمصلحة المهم. هنا يكمن دور الأولويات المنطقية التي توجه الحكومات لتحقيق نتائج ايجابية سريعة. لا يمكن للعمل الاقتصادي أن ينجح اذا تجاهل الواقع السياسي كما التحديات الاجتماعية. في الأرقام، هنالك حسابان كبيران في كل دولة يغطيان مواضيع متشعبة. الهدف في كل منها ليس تحقيق فائض بل جعلهما يؤثران ايجابا على حياة المواطن ومستقبله. تشرف الحكومة على الحسابين لكنها لا تتحكم بهما، اذ هنالك دور كبير للأسر كما للشركات الخاصة في تحريك الأرقام كما السياسات. تهدف كل حكومة الى تحقيق أعلى نسب نمو ممكنة كما الى السماح للمواطنين بايجاد فرص عمل مناسبة معيشيا. أوضاع الحسابان المذكوران ليسا الهدف بل هما وسيلتان لتعزيز النمو وتحسين أسواق العمل وصولا الى بطالة متدنية. هذان الحسابان هما الميزان الداخلي والميزان الخارجي ولكل منهما عجزه أو فائضه.
يعمل القطاع العام تحت سلطة الحكومة، فهو يدها التي تسمح لها بتنفيذ السياسات في كل الميادين. فالقطاع العام يقوم بالجباية لمصلحة الحكومة وينفق بناء لأوامرها. لماذا تجبي الحكومة الضرائب والرسوم المقرة في الموازنة والتي أخذت موافقة السطات التشريعية؟ لا تصلح الايرادات الضرائبية فقط لتمويل الانفاق، بل لها أبعاد اجتماعية. مثلا الضرائب أو الرسوم على التبغ تجبى كما لها أهداف صحية طويلة الأمد أهم من المال. من أهداف الضرائب مساعدة السلطة النقدية على محاربة التضخم الذي يضر بالأسر والشركات ويساهم في افقار المجتمع. للحكومة المسؤولة أهداف اجتماعية تنفذها عبر وسائل متعددة أهمها النظام الضرائبي. أخيرا تحاول الحكومة عبر الأنظمة الضرائبية تخفيف فجوتي الدخل والثروة لاراحة الفقراء وتقوية الأمن الاجتماعي.
Comments