bah الحكومة اللبنانية الجديدة: خطوة نحو التغيير أم تحديات جديدة في ظل الأزمات؟ - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

الحكومة اللبنانية الجديدة: خطوة نحو التغيير أم تحديات جديدة في ظل الأزمات؟

02/09/2025 - 01:35 AM

House for Sale in Los Angeles and Santa Monica, CA

 

 

الاعلامي كريم حداد

 

بعد أشهر من الانتظار والجدل السياسي، أعلن رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، الأولى في عهد رئيس الحكومة القاضي نواف سلام. 

هذه الحكومة، التي يُنظر إليها على أنها محاولة لكسر الإرث القديم للفساد والمحاصصة، تحمل في طياتها وعودًا بالإصلاح والتغيير، لكنها تواجه في الوقت نفسه تحديات جسيمة قد تحدد مصير لبنان في السنوات المقبلة.

تشكيل الحكومة: كسر الأعراف الدستورية 

تميز تشكيل هذه الحكومة بعدة خصائص غير مسبوقة، حيث نجح القاضي نواف سلام في إلغاء العديد من المخالفات والأعراف الدستورية التي كانت تفرضها منظومة الفساد السابقة. فالحكومة الجديدة لا تحوي "الثلث المعطل" الذي كان يُستخدم في السابق لعرقلة أي قرارات حكومية. كما أنها استثنت المرشحين للانتخابات النيابية المقبلة، مما يقلل من احتمالية استخدام المناصب الحكومية لأغراض انتخابية. بالإضافة إلى ذلك، تم استبعاد الحزبيين الملتزمين بشكل صارم، وتم التركيز على كفاءات علمية وإدارية لقيادة الوزارات.

هذه الخطوات تُعتبر نقلة نوعية في تاريخ تشكيل الحكومات اللبنانية، حيث تم الاعتماد على معايير الكفاءة بدلًا من المحاصصة الطائفية والحزبية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستكون هذه الحكومة قادرة على تحقيق الإصلاحات المطلوبة في ظل الأزمات المتلاحقة التي يعاني منها لبنان؟

التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة

رغم الإيجابيات التي تحملها الحكومة الجديدة، إلا أنها تواجه مجموعة من التحديات الكبرى التي ستختبر قدرتها على الإنجاز:

تنفيذ القرار 1701 كاملًا:

1. يُعتبر القرار 1701 أحد الركائز الأساسية لاستقرار لبنان الجنوبي. الحكومة مطالبة بالعمل على تنفيذ هذا القرار بشكل كامل، بما في ذلك تعزيز دور قوات الأمم المتحدة العاملة في الجنوب (اليونيفيل) وضمان الالتزام بوقف إطلاق النار. هذا القرار يُعد خطوة حاسمة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة الحدودية.

2. تنفيذ بنود وقف إطلاق النار: 

الحكومة مطالبة أيضًا بالعمل على تنفيذ بنود وقف إطلاق النار التي وقعتها الحكومة السابقة، بما يضمن استقرارًا دائمًا في المناطق الحدودية. هذا الأمر يتطلب تعاونًا وثيقًا مع الأطراف المعنية لضمان الالتزام الكامل ببنود الاتفاقية.

3. تطبيق القرارات الدولية ومتابعة التحقيقات في تفجير المرفأ: 

لبنان يواجه ضغوطًا دولية كبيرة، خاصة فيما يتعلق بملف التحقيق في تفجير مرفأ بيروت. الحكومة مطالبة بالتعاون الكامل مع التحقيقات الدولية، مع الحفاظ على السيادة الوطنية وضمان استقلالية القضاء. تفجير المرفأ لا يزال يشكل جرحًا نازفًا في الذاكرة اللبنانية، ويتطلب متابعة جادة دون أي تدخلات سياسية.

4. حماية أموال المودعين: 

الأزمة المالية التي يعاني منها لبنان أدت إلى تجميد أموال المودعين في المصارف. الحكومة مطالبة بإيجاد حلول عاجلة لاستعادة ثقة المواطنين بالقطاع المصرفي.

5. تحسين الوضع الاقتصادي: 

لبنان يعاني من انهيار اقتصادي غير مسبوق، مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة. الحكومة مطالبة بوضع خطة إنقاذ اقتصادي تعيد التوازن إلى السوق وتوقف تدهور الليرة اللبنانية.

6. ضبط الحدود ومكافحة التهريب : 

التهريب عبر الحدود اللبنانية أصبح أحد أبرز التحديات الأمنية والاقتصادية. الحكومة مطالبة بفرض سيطرتها على الحدود ووقف عمليات التهريب التي تستنزف الاقتصاد.

7. ضبط الأمن الداخلي:

مع تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، ازدادت حدة الجرائم والانفلات الأمني. الحكومة مطالبة بإعادة فرض هيبة الدولة وحماية المواطنين.

8. عودة اللاجئين السوريين: 

لبنان يستضيف عددًا كبيرًا من اللاجئين السوريين، مما يشكل ضغطًا على البنية التحتية والاقتصاد. الحكومة مطالبة بالعمل على إعادة اللاجئين إلى بلادهم بشكل آمن ومستدام.

9. إجراء انتخابات نزيهة وشفافة: 

الانتخابات البلدية والنيابية المقبلة ستكون اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام الحكومة بمبادئ الشفافية والنزاهة.

العبرة في التنفيذ

رغم كل هذه التحديات، فإن النجاح الحقيقي للحكومة الجديدة لن يُقاس بالوعود والإعلانات، بل بالتنفيذ على الأرض. اللبنانيون، الذين أنهكتهم الأزمات المتلاحقة، ينتظرون خطوات ملموسة تعيد الأمل في إمكانية التغيير. الحكومة مطالبة بالعمل بجدية وشفافية لتحقيق الإصلاحات المطلوبة، وإلا فإنها ستكون مجرد حلقة جديدة في سلسلة الإخفاقات التي عانى منها لبنان.

في النهاية، العبرة ليست في التشكيل، بل في التنفيذ. ولن ينتظر اللبنانيون طويلًا ليروا إن كانت هذه الحكومة ستكون قادرة على قيادة البلاد نحو بر الأمان، أم أنها ستسقط تحت وطأة التحديات التي تبدو أكبر من أي حكومة.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment