مسرحية "ابن الأرض" التي عانقت الروح الجبرانية

05/03/2018 - 10:19 AM

Fadia Beauty Salon

 

بقلم: محمد زريق

 

تاه قلبي في السماء الجبرانية، فما بين ميشال ابن جبران وجبران ابن الحياة لا يمكنك إلا أن تؤمن بعبارة "العظماء لا يموتون"؛ هو جبران خليل جبران ابن لبنان الذي لم يرضى إلا أنَّ يوارى الثرى في موطنه لبنان وكانت وصيته أن تكتب على قبره عبارة "أنـا حـي مثـلك، وأنـا واقـف الآن إلـى جـانـبك، فاغـمـض عيـنيـك والتـفت تـرانـي أمـامـك !". والبارحة تأكدتُ من أنَّ هذا الانسان العبقري والمبدع لا تزال روحه هائمة بين محبيه، ففي جلسة حوارية مع الأستاذ ميشال الأشقر، استطعت أن التمس الروح الجبرانية وفكر هذا الرجل التائه ما بين الشرق والغرب، وكل الحكاية ستراها جليّة في العمل المسرحي "ابن الحياة".

من الصعب جداً الكتابة عن انسان مبدع كجبران خليل جبران، فكيف إذا كانت هذه الكتابة متوّجة بعمل مسرحي؟! وحدهُ ميشال الأشقر استطاع الدمج ما بين الحنين إلى الوطن والغربة والشقاء والروح الفنية ليصور جبران خليل جبران أو النبي بأجمل صورة فنية وبأبهى حلله، وليعيد بعث الروح الجبرانية إلى داخل كل قلب اشتاق لرؤية هذا الرجل ولتعريفنا على هذا الرجل أكثر؛ فلن أبالغ إذا قلت أنَّهُ ما رحل جبران خليل جبران إلا ليعود اليوم ويسكن قلب وفكر ميشال ابن جبران.

شهادتي بكَ يا أستاذ ميشال مجروحة، ومن أنا كي تصف كلماتي أعمالك الجبّارة؛ مسرحية "ابن الحياة" التي كانت كطائر الفينيق الذي جال العالم ليزداد لبنان عظمة وعزة، فقد كان ميشال الأشقر على موعد مع التكريم في أهم مدن وعواصم العالم تقديراً له على مسرحيته المميزة "ابن الحياة"؛ ولكن للأسف، لا مكان للعظماء والمبدعين في وطني، فهذا العمل الذي يستحق أن يضاف إلى التراث اللبناني وأن تتبناه وزارة الثقافة اللبنانية وتنشره في دور العلم والثقافة لم يأخذ حيزه المطلوب في بلاد جبران خليل جبران، ولا حتى كلمة شكر لهذا المبدع.

ويلٌ لأمةٍ لا تُقدّر عظمائها! ويلٌ لأمةٍ تُهَمِشُ مبدعيها! بالعلم والثقافة تُصنع وتُبنى الأمم، لا بالحقد والتعصب والفتن، لو لم يكن هذا الوطن فاسداً لما تركه جبران ورحل، ولكن أيضاً لو لم يكن هذا الوطن عظيماً وأرضه خصبة للثقافة والحضارة لماعاد جبران إليه على أجنحة الحنين والحلم الجميل، الحلم بأنَّ هذا الوطن سيعود المكان الأجمل والأحلى بناسه وأرضه وحضاره، إننا نطمس حضارة وطن بأيدينا ونحن نعلم بأنَّ كل ما في العالم من الممكن أن يباع ويشترى سوى الوطن، متى فقدناه فقد فقدنا كل شيء.

الأستاذ ميشال الأشقر هذا الرجل الطموح والفنان والحالم، هو الذي سار على درب جبران خليل جبران ورحل إلى الولايات المتحدة الأميركية (بوسطن) ووجد فيها ملاذه الآمن، تركَ وطنه قصراً وليس طواعية، ولكن اليوم حان الوقت لنقول كلمة "لا"، سنظل هنا إلى آخر نفس فإما لبناننا أو لبنانكم ولا وجود لخيار ثالث. منذ نشأة هذا الوطن وسلاحكم هو الحقد والتفرقة والقتل، أما سلاحنا فكان وسيبقى الفكر والقلم، وبهذا لن تقوى علينا شياطين الأرض مجتمعة.

نعود اليوم لنردد عبارة جبران خليل جبران الشهيرة: "لو لم يكن لبنان وطني لاخترت لبنان وطناً لي"، رحل جبران خليل جبران تحت ضغط الحرب والدمار وكذلك كانت حال ميشال الأشقر؛ ولكن إذا رحل أبناء وطني العظماء الواحد تلو الآخر، فسيستوطن البوم هذا الوطن ولن يبقى لنا مكان. علينا أن ننهل من فكر العظماء ولكن ليس بالضرورة أن نمشي نفس الدرب الذي فُرِضَ عليهم، فحياتنا اليوم يا شباب ويا شابات لبنان لا تشبه حياتهم وعصرنا مختلف عن عصرهم، كونوا صفاً واحداً في السراء والضراء، فبالوحدة لن تسطيع علينا شياطين العالم مجتمعة، نحن أمل هذا الوطن، نحن ورثة جبران خليل جبران وميشال شيحا وسعيد عقل، فحذاري من التلاعب بنا وبمستقبلنا لأنَّ أحلامنا وتطلعاتنا تستوطن الغد، أما كل أحلامكم فهي تعشش في جيبة هذا الوطن الفارغة.

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment