bah الصين أم اليابان - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

الصين أم اليابان

01/18/2025 - 18:12 PM

A

 

 

بقلم الدكتور لويس حبيقة

 

بسبب حربي أوكرانيا وغزة، ينسى العالم الأوجاع الدولية الأخرى التي تبقى مؤلمة. نهتم جميعا ليس فقط بالحربين المذكورين، بل بكل ما ينتج عنهما. لكن المشاكل الأخرى تبقى موجودة، منها ما بدأ قبل الحربين وساء معهما وربما بسببهما، ومنها ما تبعهما وتنتظر معالجتها انتهاء الحربين. ما يدعو للعجب أن الصراع الصيني الغربي لم يعد موضوع بحث يومي كالسابق حتى مع قرب بدء عهد ترامب الثاني، والمشكلة طبعا لم تحل بعد. دور الصين وروسيا في أسيا كبير والمواجهة مع الولايات المتحدة تبقى حية بل تزداد حدة.

وفاة "هنري كيسينجر" مؤخرا أعادتنا فكريا الى أجواء السبعينات حين زار الرئيس نيكسون العاصمة الصينية وفتح حوارا مهما قلب الخريطة السياسية العالمية رأسا على عقب. سهلت زيارة نيكسون في 1972 للصين دخولها الى العديد من المنظمات الدولية مما سمح لها بتحقيق نمو كبير لناتجها المحلي الاجمالي لعقود تلت. نشأت طبقة اجتماعية وسطى تعتبر الأوسع في العالم، لكن منافع الانضمام الى الاقتصاد العالمي لم تكن مفيدة لجميع الصينيين. لذا توسعت فجوة الدخل لصالح قسم صغير في المجتمع. سابقا كانت الأسواق الصينية الداخلية صغيرة وبدائية ترتكز قبل كل شيء على عمالة جيدة ورخيصة هدفها الادخار وليس الاستهلاك.

هنالك خوف غربي من القوة الصينية المجهولة. منهم من يقارنها بـ "يابان" 1990 ومنهم من يقول أن المستقبل سيكون قاسيا وخطرا ولا بد من التحضير للمواجهة الاقتصادية وربما العسكرية. في بداية التسعينات كان الجميع خائفا من اليابان، لكن الخوف لم يكن في محله. هل ما حصل لليابان يمكن أن يحصل للصين؟ في أواخر الثمانينات، عانت اليابان من أزمة عقارية كبيرة أثرت سلبا على القطاع المصرفي وديون الشركات ودفعت الاقتصاد نحو الركود. هذا يحصل اليوم في الصين حيث ارتفع عرض العقارات الى حدود لا يمكن للطلب أن يستوعبها وبالتالي هنالك أزمة عقارية جدية.

في الديموغرافيا، عانت اليابان من مشكلة سكانية انعكست على أسواق العمل، وها هو حال الصين بسبب سياسة الطفل الواحد السابقة وعدم رغبتها باستيراد عمالة أجنبية حتى أسيوية. كان يمكن لليابان التعويض عن النقص السكاني بزيادة انتاجية العمل، وهذا ما لم يحصل لأن السياسات الاقتصادية لم تكن مناسبة. من ناحية أخرى يمكن اعتبار اليابان نموذجا للاقتصاد الذي يعاني من نقص في عرض العمل ويبقى في نفس الوقت في وضع اقتصادي جيد ومستقر اجتماعيا. المتخصصون في المجتمع الياباني يقولون إنه مجتمع خلاق متجدد أكثر بكثير مما يظهر للعلن.

ما يميز صين اليوم عن يابان 1990 هو أن الصين تبقى متأخرة اقتصاديا نسبة لليابان، وبالتالي امكانية التقدم كبيرة. يبقى السؤال الأهم هو هل تستطيع الصين كما فعلت اليابان ادارة نموها البطيء من دون احداث مشاكل اجتماعية؟ هذا لا يعني أن مستقبل الصين سيكون مشابها لما حصل لليابان، لكن الخوف من العملاق الصيني غير مبرر حتى الآن.

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment