bah الصين فريدة - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

الصين فريدة

09/20/2024 - 16:31 PM

For Sale

 

 

بقلم الدكتور لويس حبيقة

 

في ظل الحربين الأساسيتين القائمتين وعدد آخر من المواجهات الإقليمية، تغيب عن نظر الإنسان عوامل كانت تشغله في ظروف طبيعية. في ظل الحروب، تبقى الدروس الناجحة مهمة خاصة لتحضير سياسات ما بعد العنف. الصين مثلا ما زالت قوية لكن المواجهات التي تتعرض لها ليست سهلة، اذ أن القوة تنافس دائمًا القوة والا لما كانت هنالك مواجهة أصلا. نجاح الصين، وان تعثر بسبب الاقفال الكوروني السابق والمشكلة السكانية المستجدة، يبقى مضرب مثل في النجاح والتفوق. أما برامج الإصلاح والتطور التي قامت بها حكوماتها المتعاقبة على مدى 4 عقود فأعطت نجاحات كبرى يحاول العديد من الدول نسخها. لكن ما حققته الصين ليس بالسهل نسخه لأنه مرتبط بعوامل عدة إنسانية ثقافية سياسية اجتماعية واقتصادية. الصين فريدة والاطلاع على تجربتها ضروري حتى لو لم يكن النسخ ممكنًا.

ماذا أعطت التجربة الصينية المدهشة؟ ارتفاع كبير في نسب الادخار نتج ليس فقط عن الاستهلاك المتواضع وانما أيضا عن سياسة الطفل الواحد التي خففت الأنفاق الأسري. هنالك جانب آخر هو قطاع العقارات الذي ازدهر سابقا وأصبح يشكل ربع الناتج المحلي، لكنه يتعثر من ناحية الطلب المرتبط بالسكان. أما الحساب الجاري ففائضه تاريخيا مرتفع، مما سمح للصين باقراض العديد من الدول بينها الولايات المتحدة. مشكلة سلبية أساسية نتجت عن الازدهار الصيني هي اتساع فجوة الدخل وتشكيل طبقة أغنياء واسعة وقادرة أصبحت تمول الحركة السياحية العالمية وقطاع السلع الفاخرة.

من السياسات الناجحة التي اتبعت هي تشجيع نقل العمالة الفائضة من الأرياف الصينية الى المدن لانتاج السلع الخفيفة أو ذات التكنولوجيا المحدودة. لم يعد هذا ممكنا لغياب الفائض وبسبب الانحدار السكاني. نجاح خصخصة بعض الشركات الحكومية سمح برفع انتاجيتها وتخفيف هدرها، وبالتالي مساهمتها أكثر في بناء الاقتصاد. أهم ميزات الوجود الصيني في الاقتصاد الدولي هي التجارة المتنوعة حيث هنالك تفوق للصين في الحجم والنوعية قبل وبعد دخولها الى منظمة التجارة العالمية.

حربا أوكرانيا وغزة أضافتا الى مشاكل الاقتصاد الدولي الأساسية. دعمت الولايات المتحدة أوكرانيا أولا ب 80 مليار دولار أو 1% من الناتج مما يعني ان لا مشكلة تمويل. هنالك صراعات سياسية متواصلة بين الادارة الأميركية والكونغرس حول تأمين دفعة أخرى من المساعدات المالية حتى في الظروف الانتخابية الحالية. هنالك نقص في السلع التي تحتاج اليها أوكرانيا خاصة الأسلحة والذخيرة والمعدات والآليات والألبسة المناسبة. الطلب موجود لكن الصناعات تعجز عن تلبية الحاجات مما يشير الى وجود عوائق ادارية ومادية أساسية.

تواجه أوكرانيا مشاكل كبيرة ناتجة عن التحديات التي تضع العالم في جهتين. تتحول تدريجيا الحرب الى ما يقارب العالمية. لا يمكن ضبط حجم الحرب اذ أن الأسلحة موجودة في كل الأمكنة، والفريقان مستعدان لنقل المواجهات الى مستويات كبيرة وقوية. تكمن المشكلة في أن الأمم المتحدة غائبة عن الصراع وتكتفي فقط باعطاء النصائح غير المجدية.

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment