bah العقل المدبّر لطوفان الأقصى! - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

العقل المدبّر لطوفان الأقصى!

11/28/2023 - 20:37 PM

House for Sale in Los Angeles and Santa Monica, CA

 

 

 

بقلم: ألفة السلامي

 

بعد سبعة أسابيع من حرب الإبادة الجماعية والدمار الشامل في غزة، ربما حان الوقت لنتساءل من هو العقل المدبّرُ لعملية طوفان الأقصى وكيف وصل الأمر بالكيان المحتل إلى أن يصبح «مغروزا» في رمال غزة أكثر من أي وقت مضى!

لعلَّ الكثيرين منا يجهلون الدور الذي يلعبه أحد قيادات حماس في رسم الخطط وتنفيذها بشكلٍ أدخل الارتباك على الآلة العسكرية الإسرائيلية وقادة الأجهزة الاستخباراتية في دولة الاحتلال بل في الولايات المتحدة الأميركية أيضًا. إنه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، هو العقل المدبر لعملية طوفان الأقصى. في تقرير له بعنوان «البرجماتي الذي أرعب إسرائيل»، أشار موقع «ميديا بارت»، الفرنسي الاستقصائي، إلى «رجل حماس القوى»، الذي تلقبه إسرائيل بوزير دفاع حماس، وتضعه على قائمتها للاغتيالات، عاد من سجون الاحتلال وهو يعرف ماذا سيفعل، بعد إطلاق سراحه في صفقة تبادل للأسرى عام 2011.

ما يعرفه السياسيون هو أن «السنوار» أظهر اكتفاءه بدور الدبلوماسي للتفاوض على تبادل «السجناء بالرهائن»، لكن عنصر المفاجأة والمناورة الآخر يأتي من كون يحيى السنوار منذ توليه قيادة حماس في غزة عام 2017، لم يكتف بلعب الدور الذي توقعه الإسرائيليون كالتفاوض مع الأطراف المختلفة والتعاون مع حركة الجهاد الإسلامي وكذلك إدارة الأوضاع الصعبة لمنطقة يفتقر السكان فيها إلى كل شيء، إنما لديه أيضًا خطة للمقاومة ضد الاحتلال أثارت دهشة العدوّ وأطاحت بخططه لتصفية القضية الفلسطينية.

لكن من هو يحيى السنوار؟

ولد يحيى السنوار عام 1962، وقام بتأسيس جهاز «مجد»، الذي يعد بمثابة الجهاز الأمني للجناح العسكري، كتائب عزالدين القسام. انتخبته حماس رئيساً للمكتب السياسي للحركة في قطاع غزة خلفاً لإسماعيل هنية. واعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 1988 بتهمة القيام «بأنشطة إرهابية»، وصدرت عليه أربعة أحكام بالسجن المؤبد. ثم أُطلق سراحه في أكتوبر2011 في إطار اتفاق للإفراج عن أسرى فلسطينيين مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي احتجزته حماس لخمس سنوات في القطاع.

وأدرجت الولايات المتحدة يحيى السنوار على لائحتها السوداء «للإرهابيين الدوليين»، إلى جانب قياديين اثنين آخرين من حركة حماس. واستحدث «السنوار» منذ خروجه من السجن شكلًا من أشكال المواجهة مع إسرائيل كان قد اعتبره البعض «مستحيلًا»، بسبب عدم تكافؤ القوى على المستويات كافة سواء الاستخباراتية أو العسكرية أو حتى المادية. لقد أذهل العالم مشهد عبور الحواجز الأمنية بالعشرات، إضافة إلى عمليات الإنزال الجوي التي نفذها المقاتلون على متن طائرات شراعية صنعت محليًّا. وسبب هذه الدهشة أن العالم ظل يصدِّقُ رواية عدم التكافؤ الاستراتيجي والعسكري والمادي بين حركة المقاومة وجيش الاحتلال. جاء ذلك بالتزامن مع إطلاق مقاتلي كتائب القسام، وفي اتجاه بحر غزة، أكثر من 5 آلاف صاروخ أربكت القبة الحديدية.

إن قادة حماس وعلى رأسهم السنوار وراء ما اعتبرته الصحف العالمية والناطقة بالعبرية «فشلًا استخباراتيًّا»، وقد وصفه موقع حدشوت العبري بأنه «نكسة تشبه هزيمة إسرائيل في حرب أكتوبر»، المعروفة لدى اليهود بـ «يوم كيبور»، فيما وصفت يديعوت أحرونوت توقيت العملية التي جاءت متزامنة مع الذكرى الـ 50 لهزيمة الدولة العبرية في أكتوبر بأنها «فاجعة جديدة في أكتوبر»، هذا الشهر الذي مازال يفاجئهم وأعاد الكيان المحتل للمرة الثانية إلى يوم إعلان وجودها، بعد أسر عدد من جنرالات الاحتلال ومستوطني غلاف غزة وإجبار آخرين على الفرار.

خدعوك فقالوا.. أن المقاومة لا تريد القتال وقد أعطت طيلة أكثر من سنتين الانطباعَ بشكل عام بأنها غير مستعدة للدخول في مواجهة مع الاحتلال. لكنّها لم تكن سوى خطة خداع استراتيجي. تدربت المقاومة على الإنزال العسكري كما قامت أثناء التحضير للعملية الضخمة ببناء نموذج محاكاة لمستوطنة إسرائيلية وهمية وتدربت عناصر حماس على اقتحامها. ونجحت الخديعة في تمرير الرسائل التي أرادتها حماس دون أن تكتشف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية حقيقتها. وهذا ما ذكره مصدر أمني إسرائيلي لصحيفة «لوفيجارو» الفرنسية: «جعلونا نعتقد أنهم يريدون المال، بينما كانوا طوال الوقت ماضون في التدريبات».

أما وقد عرفنا من هو السنوار وما هو الدور الذي لعبه في هذه الهزيمة... فإن الموقف المتوقع الآن هو محاولة القضاء على هذا القيادي وعلى قادة حركة المقاومة جميعهم وتفكيك لحمتهم وسوف تسعى إسرائيل وحلفاؤها إلى تحميل الدول العربية وخاصة المحيطة بالدولة العبرية عبء هزيمتها العسكرية والاستراتيجية. وفي صورة عدم تعاون العرب في القضاء على حماس والقبول بترحيل الفلسطينيين فإن دولة الاحتلال وحلفاءها الغربيين سيعتبرونه بمثابة إعلان الحرب من قبل العرب. فماذا هم فاعلون إزاء تلك التحديات؟ هذا ما سنعرفه في الأيام المقبلة!

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment