الدكتور جيلبير المجبِّرْ
نعم حذار الإفراط في السلام، لأنّ أبرز التداعيات الني حصلت بين الفلسطينيين والإسرائيليين بدّلت كل المفاهيم الإنسانية، وأضحت الأولويات والجهود لدى الأنظمة الدولية تستثمر لناحية عملية سلمية تخفف من وطأة هذه الحرب اللعينة التي فتكت بأرواح الأبرياء وقضمت الإقتصاد لكلا الفريقين. إنّ هذه الحرب لو إستمرّت لكادت تفجِّر المنطقة بأسرها وكانت فلسطين وإسرائيل الخاسرتان منها بشرًا وحجرًا وإقتصادًا وسلمًا.
إزاء ما حصل وتخوفًا من خطورته على لبنان أتمنى وبعد سلسلة مشاورات عقدتها هنا في مكتبي الباريسي مع بعض المراجع الدبلوماسية المعنية بأزمة الشرق الأوسط وبالوضع اللبناني الدقيق، كان هناك شبه توافق بيني وبين الذين إلتقيتهم دبلوماسيين عرب وأجانب حيث تظهّر لي ضرورة تطبيق مندرجات القرارات الدولية ذات الصلة بالوضع اللبناني، وإنْ إستمّر الوضع على ما هو عليه فإنه من الممكن أن تستعر الحرب في لبنان، وهذه الحرب ستكون صعبة بالنسبة للشعب اللبناني وفي ظل شغور المسؤولية في كل مراكز الدولة بدءًا من رئاسة الجمهورية وصولاً إلى ما يتم التحضير له على مستوى باقي المؤسسات ومرورًا بمؤسسة الجيش وباقي المؤسسات الأمنية، وهذه سابقة خطيرة تُرسم خطوطها العريضة بواسطة قوى لبنانية لا تعرف معنى المسؤولية ولا تدرك حجم أخطار ألاعيبها الوسخة تجاه الجمهورية وتجاه الشعب وتجاه السيادة الوطنية.
في معرض مشاوراتي لاحظت أن كل الدبلوماسيين يتخوّفون من خطورة "السلاح الغير شرعي" لا بل من خطورة التكيُّف مع هذا الأمر الواقع المنافي لكل قواعد القانون الدولي، كما يتخوّفون من إستمرار تدفق السلاح إلى لبنان خارج إطار الشرعية اللبنانية، ويتزامن هذا الأمر مع مرحلة من الإغتيالات لشخصيات ومرجعيات لبنانية أججتْ الخوف بين اللبنانيين، ناهيك عن قضاء مُسيّسْ يُخلي سبيل المجرمين واحدًا تلو الآخر... إنّ التمادي في خرق القوانين الدولية دليل خطير على خشونة هذه الأزمة المستفحلة بوجود برلمان مطواع ومؤسسات فارغة من قادتها الشرعيين ومن عدم قدرة الشعب اللبناني على التحرك رفضًا لهذا الأمر الواقع الغير سليم.
في نهاية هذه اللقاءات لاحظتُ وبالتشاور مع إدارة مكتبي في بيروت أنّ هناك تقاطعًا مهمًا لا بل يُبنى عليه، وبالتزامن مع سلسلة زيارات إلى المنطقة قام بها موفدين لدول عظمى فاعلة على المسرح السياسي الدولي والإقليمي والمحلي حيث بدت مفاعيل هذه الزيارات والمشاورات تعطي بعض الأجواء الإيجابية لناحية تبريد مرحلة الصراع في لبنان وعدم إدخاله في معركة الفلسطينيين والإسرائيليين بالرغم من الأحداث التي حصلت مؤخرًا في جنوب لبنان وأودتْ بخيرة الإعلاميين والأبرياء والمستضعفين من اللبنانيين، وهذا ما رفع لديَّ شخصيًا ولدى إدارة مكتب بيروت الأمل أنّ المجتمع الدولي أكّد على ضرورة الحفاظ على التواصل مع الشرفاء بما يتناسب مع تطبيق القرارات الدولية.
هذا من حيث الشكل أما من ناحية المضمون فأرجو من القارىء الكريم أخذ هذه الملاحظة على محمل الجد: بالرغم من التأكيد الدولي على ضرورة التنسيق مع الأحرار في لبنان فإنّ هناك طرف ومن يتعاونون معه غير راغبين بهذا التقارب وبالتالي سيُحاولون بكل ما أوتوا من جهود عرقلة هذا الجهد الدبلوماسي الدولي الراغب في التعاون مع الشرفاء وسيستعملون كل الوسائل من أجل عرقلته أو وأده من خلال أساليب باتت معروفة للعيان كالقتل وإحالة الشرفاء إلى القضاء على سبيل المثال مثلاً.
حذار الإفراط في السلام، أوجه هذا الكلام لكل مواطن شريف يؤمن بسيادة لبنان ويعمل لأجلها بدون مصالح شخصية إنّ هناك منظومة سياسية فاسدة ومعها سيكون مصير وطننا أسود والأدلة كثيرة على هذا الأمر، أين نحن أيها الإخوة من العمل السياسي التقي ؟أين نحن من فرض نهج سياسي – إجتماعي – فكري لإدارة الجمهورية، ما يحصل اليوم غريب عن فكرنا عن أطباعنا عن قيمنا عن تقاليدنا... تاجروا بالقضية الفلسطينية وباعوا ضميرهم وأصبحنا والفلسطينيين سلعة رخيصة بيد إيران ومرتزقتها.وعليه إنني أحذر من التمادي في الإفراط في عملية السلام، فحذار أيها اللبنانيون... لنتساعد على منعهم ولنكن رسل سلام في وطن القديسن وفي الأراضي المقدسة التي وطأها السيد المسيح مبشرا بالسلام ولتكن صلاتنا من أجل السلام.
Comments