فؤاد الصباغ
يعتبر الميزان التجاري جزء لا يتجزء من الإقتصاد الوطني الكلي المنفتح علي فضائه الإقليمي و الدولي. فتبادل السلع و الخدمات بين الدول المتكتلة في فضاءات تجارية تعتبر في مجلمها إيجابية لكن إذا الدولة عجزت عن تحقيق التوازن بين الإنفاق علي وارداتها و عوائد صادراتها, فالنتيجة تكون أزمة و إستنزاف مستمر لإحتياطي البنك المركزي التونسي بالعملة الأجنبية خاصة بالدولار الأمريكي.
فإذا فاقت النفقات العامة و الخاصة للواردات علي العوائد المالية للصادرات تسجل الدولة بالنتيجة عجزا في ميزانها التجاري و يتراكم ذلك العجز بإستمرار بحيث تكون له تأثيرات سلبية من جانب تسديد الديون الخارجية في موعدها أو تحقيق التنمية الإقتصادية المنشودة. أيضا له تأثيرات مباشرة علي سعر صرف العملة مقابل سلة العملات الأجنية و خاصة بالأساس الدولار الأمريكي.
فعلي الرغم من تعويم العملة التونسية من قبل البنك المركزي من أجل تحفيز الصادرات تبقي عوائد تلك الصادرات ضعيفة جدا لأن القدرة التنافسية للمنتجات المحلية التونسية ضعيفة في الأسواق الدولية. ففي هذا الصدد يبرز الخلل الواضح في القطاع الخاص التونسي الغير قادر بدوره علي تحقيق التغطية للقطاع العام و الذي يعتبر مؤشر نحو إنهيار الدينار التونسي في ظل تواصل الركود أو إنزلاق الدولة في أزمة ديون سيادية ستكون نتائجها وخيمة علي شتي المقاييس.
ففائض الميزان التجاري يحقق النمو الإقتصادي الحقيقي و يحقق التوازن في سوق السلع و الخدمات و يقلص من نسبة التضخم, أما العجز بذلك الميزان التجاري تكون تأثيراته حادة بحيث تنخفض نسبة النمو الإقتصادي و تكبح التنمية الإقتصادية. بالنتجية تغرق الدولة في سياسة التقشف للحد من وارداتها بحيث تتأثر وضعية الواردات للمواد الأساسية رغم أولويتها و ترتفع مجددا الأسعار و يختل في المقابل ميزان السلع و الخدمات مع الأسعار و تنجرف الأوضاع نحو بوادر التضخم الجامح.
Comments