اللامركزية الادارية والمالية الموسعة- دون اصلاح القضاء- سرقة موصوفة

01/17/2022 - 10:59 AM

Prestige Jewelry

 

 

المحامي فؤاد الأسمر

 

تعمد السلطات الحاكمة في لبنان، وهي عملياً ليست الا سلطات "خاطفة" للشعب، باغداق الوعود والشعارات الفضفاضة، مثلها مثل ذلك السجّان الذي يغري رهائنه بمشاريعه الفارغة لابقائهم في قبضته وجور استعباده لهم.

وآخر صيّحات وعود السلطة "دعوتها للحوار حول اللامركزية الادارية والمالية الموسعة".

ان اللامركزية الإدارية هي نوع من التنظيم الإداري للدولة الموحّدة يقوم على نقل صلاحيات إدارية من الدولة المركزية إلى وحدات محلية منتخبة مباشرة من الشعب تتمتع بالاستقلالين الإداري والمالي (كالبلديات او مجالس الأقضية).

علماً أن القانون اللبناني ليس غريباً عن اللامركزية الادارية بظل وجود البلديات وتمتعها بصلاحيات مهمة، إنما الغاية المعلنة من طرح هذا المشروع اليوم هو توسيع الصلاحيات الادارية والمالية للبلديات اضافة إلى خلق سلطات محلية واسعة الصلاحيات مالياً وادارياً على مستوى الأقضية.

من مراجعة تجربة البلديات اليوم يتبين انها مجرد انعكاس لتجربة مؤسسات الدولة على المستوى المحلي.

فبينما تتمتع القلة القليلة من البلديات بالانضباط والنزاهة، خاصة البلديات الصغرى والفقيرة، نرى الفوضى العارمة والمحسوبيات السياسية والمذهبية والفساد والتفلت يتآكل غالبية البلديات الكبرى والثرية الموارد والمقدرات.

بحيث ان توسيع صلاحيات المجالس المحلية تحت ستار تحقيق "اللامركزية الادارية والمالية الموسعة" لن يحقق الا المزيد من الفساد والمحسوبيات وسلب المال العام.

وخير دليل على ذلك وجود عشرات وحتى مئات المجالس البلدية ورؤسائها دون اية ملاحقة او محاسبة، رغم ضخامة وخطورة ملفات الفساد المساقة ضدهم، ورغم تورطهم المفضوح بالاستيلاء على المال العام وافتضاح عمليات التزوير والسمسرات الخطيرة التي تدينهم، انما وللأسف تمت حمايتهم وتغطيتهم من قبل المرجعيات السياسية، ومجاراة قسم من القضاء لهذه المرجعيات الفاسدة والتي تغطي الفاسدين.

ومن المشين ما بات جزءً معلناً من ادبيات القضاء اليوم ويتمثل بمقولة "الوزراء المحسوبين على هذا المرجع السياسي او ذاك."

ان اللامركزية المزعومة لا يمكن ان تؤتي ثماراً جيدة الا من خلال تحقيق عملية إصلاح جذرية وفاعلة للقضاء وتحقيق استقلالية هذا القضاء ومنعته، وتطوير الاجهزة الرقابية وتعزيز حضورها ودورها وقدرتها على الملاحقة والمحاسبة، بعيداً عن التغطية السياسية والاعيب السياسيين واستثارة النعرات الطائفية خدمة لتغطية سرقات الفاسدين ونهبهم المال العام.

وإلا فإن اللامركزية الموسعة المُحكى عنها ليست الا عملية تشريع جديدة للسرقة والنهب والفساد والزبائنية السياسية.

فهل يمكن، ولمرة واحدة في تاريخنا الحديث، ان يحقق المسؤولون المفترضون عملية اصلاح واحدة سليمة وجدية؟

 

 


 

*الكتابات والآراء والمقابلات والبيانات والاعلانات المنشورة في اقسام المقالات والاقتصاد والأخبار لا تعبّر بالضرورة ابداً عن رأي ادارة التحرير في صحيفة بيروت تايمز، وهي غير مسؤولة عن أي نص واو مضمونه. وإنما تعبّر عن رأي الكتاب والمعلنين حصراً.

 

<script async src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-7010601070604374"

     crossorigin="anonymous"></script>

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment