رامبو القضاء.. يتكتّف أمام مصرف لبنان والمصارف!

04/20/2021 - 11:42 AM

Nanour

 

 

سيمون حبيب صفير

 

أما كان يجب أن تقتحم رامبو القضاء، الغادة الشجاعة، التي تطل من علياء قصر عدل بعبدا على كل جبل لبنان (أم غيرها من زملائها القضاة الشجعان الأبطال، بحسب التراتبية والصلاحية) مصرف لبنان وكل المصارف التي حوّلت مبالغ الى الخارج، والحصول من هذه المراجع على كل داتا معلومات التحويلات بالأسماء والأرقام والتواريخ!

هل يجوز أن يتكتّف رامبو القضاء، أمام مصرف لبنان والمصارف وعصابات تهريب الأموال إلى الخارج.. وهو الذي نؤيّده، ونصفّق لإنجازاته القضائية، في اقتحام كل معاقل الفساد وجحوره ودهاليزه ومغاوره، من دون انتقائية واستنسابية، نصرةً للعدالة!

شركة مكتّف في منطقة عوكر، جارة السفارة الأميركية، هي شريكة هذه المنظومة السياسية والمالية،

(بطريقة غير مباشرة؟!)، عن قصد أو عن غير قصد، وبحكم الأمر الواقع، كونها شركة معتمدة دولياً ومحلياً لاستيراد وشحن الأموال والقيام بعمليات تحويلات مالية وصرافة، ولا بدّ من مساءلة ومحاسبة القيّمين عليها، كيف لا وقد شاركوا المتآمرين على مال الدولة والمودعين، وهم يعرفونهم جميعاً حق المعرفة!

ونسأل: أما كان ليُملي الضمير الحيّ على مكتّف القيام بواجبه الوطنيّ والإنساني ليمتنع عن تحويل هذه المبالغ المالية الضخمة من مصادرها المصرفية (وغير المصرفية إذ قد تكون في خزنات خارج المصارف!) ويسارع إلى إعلام المرجعية الروحية الأولى، غبطة أبينا البطريرك الراعي، ويحيطه علماً بما يجري، ليرشده غبطته إلى فعل ما يجب فعله على ضوء تعاليم المعلم يسوع المسيح ربنا والهنا الذي ترك لنا إنجيله دستوراً لنا؟!

أما كان يجب أن يضحّي بالأرباح التي يحقّقها جرّاء التحويلات الماليّة بمئات ملايين الدولارات (أو غيرها من العملات الصعبة) والتي يتقاضى على كل عمليّة منها عمولة ذات وزن ثقيل جداً، ثقل الكارثة التي حلّت بالمودعين؟!

هل مورست على مكتّف ضغوطاً سياسية وغير سياسية.. تجعله يخشى على حياته، وبالتالي تجبره على إتمام عمليات التحويل..؟!

هل إن المصلحة الشخصية لديه المُضافة إلى التزامه السريّة المهنية، هي التي منعته من إبلاغ غبطة البطريرك، وبسريّة تامّة، أولاً لإراحة ضميره، وثانياً لحث غبطته على العمل بما يُمليه عليه واجبه الروحي الإنساني الوطني، بعد إعطائه كل المعلومات عن التحويلات وسببها، وذلك كونه مرجعية دينية ووطنية هي الأعلى والأقدر في لبنان؟!

أعتقد إنه كان يجب على السيد ميشال مكتف أن يسارع إلى بكركي (او إلى بطريرك الطائفة الكاثوليكية التي ينتمي إليها وهي تابعة روحياً للفاتيكان كالبطريركية المارونية ليدلو بدلوه - وحيداً أو مع شاهد - ويكون كلامه سر اعتراف بينه وبين الله ورئيس الكنيسة المُعطى سلطان الحلّ والربط ككاهن الرّب، إذ يستفيد هذا الابن المسيحيّ الملتجئ إلى مرجعيته من كلمة حكمة يتلقّاها من أبه الروحي لخلاص نفسه أولاً، بعد إفراغ حمولة ضميره وتنظيف نفسه من خطاياه، ولا يكون شاهد زور، إذ يسكت عن جرائم ترتكب بحق مواطنيه.. وشهادة الزور خطيئة!

وثانياً لمحاولة المساهمة بالإنذار بغية الإنقاذ (ولو بالواسطة عبر بكركي)، من موقعه المهني كونه مشارك وشاهد أساس كحاكم مصرف لبنان وكل أصحاب المصارف وكلّ المودعين من السياسيّين وغيرهم المشاركين بعمليات التحويلات المصرفية بل التهريب، على هذه التحويلات الضخمة المريبة المثيرة للشكوك طيلة أشهر قبل اندلاع الثورة وبالتزامن معها!

نعم كان بإمكانه التضحية بمصلحته الشخصية، خدمة للمصلحة الوطنية العليا، ويحسب ألف حساب، ويعمل، بحسب قدرته، للمشاركة في عملية إنقاذ شعبه من مؤامرة خبيثة تهدف إلى إفقاره وتجويعه وتوجيعه وتركيعه وإخضاعه وابتزازه لتنفيذ مخطّطات شريرة ومشاريع سياسية خارجية تنفذها طغمة الحكم العميلة لأنظمة ودول وبالتالي لمحاور تتلاعب بمصير لبنان وشعبه، وتأتي نتائجها كارثية.. كيف لا ونحن نشهد مجريات الأحداث وتداعياتها ونعرف خفاياها وخباياها! .   

كلمة حق نقولها إنه لا تهمّنا كثيراً، كأصحاب حقوق مسألة الصلاحيات بين القضاة، ولا يعنينا كمواطنين منكوبين تضاربها ولا بهرميتها القضائية.. فليشتغل القضاء شغله كما يجب.. نعم! كما يجب من دون أن يختل ميزان العدل!

جلّ ما يهمّنا هو معرفة حقيقة ما جرى ويجري مالياً واقتصادياً و..، وجلّ ما نريده، وأقصى ما نريده اليوم وغداً وبعد غد، هو أن يشتغل القضاة النزهاء شغلهم بنظافة كف وضمير مهنيّ إحقاقاً للحق لاسترجاع أموال الدولة المنهوبة وودائع المودعين.. علاوة على ما يقومون به في ملفات قضائية أخرى..

جلّ ما نريده فتح كل ملفّات الفساد المتراكمة منذ عقود وعقود وملاحقة المرتكبين، ومن بينهم الساسة الفاسدين ومن لفّ لفّهم، وإنزال العقوبات بهم، فتهلّل العدالة لتنفيذ الأحكام الموقّعة بحبر أقلام القضاة الشرفاء بل بدم قلوبهم النابضة بمحبة الله وشعبه الذي يصدرون الأحكام باسمه، ملتزمين شعار بل حكمة: " العدل أساس الملك"!

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment