السفير الإماراتي لدى واشنطن يوسف العتيبة: فصل الدين عن الدولة هو طريق المستقبل

04/18/2021 - 12:03 PM

Prestige Jewelry

 

 

واشنطن - قال السفير الإماراتي لدى واشنطن، يوسف العتيبة، إن "الطريق إلى المستقبل يتضمن فصل الدين عن الدولة، وهذا ما نفعله في الإمارات، وما نؤمن به".

جاءت تصريحات العتيبة، في لقاء مع معهد هوفر الأميركي، تحدث خلاله عن إيران ومستقبل الوجود الأميركي في الشرق الأوسط، واتفاقيات أبراهام مع إسرائيل، فضلاً عن خطة الانسحاب الأجنبي من أفغانستان.

وأضاف العتيبة أن "أكبر تحدٍّ تواجهه منطقة الشرق الأوسط في الوقت الراهن هو تحديد طبيعة المستقبل الذي نريده في هذا الجزء من العالم. هل نريد مستقبلاً حيث يكون الدين والأيديولوجيا منفصلين عن شؤون الحكم، وهو شيء تعلمناه من الغرب، أم نريد عالماً حيث يتم إقحام مزيد من الدين والأيديولوجيا في شؤون الحكم". 

وتابع: "أنا شخصياً أؤمن بالفصل بين الدين والدولة، ودولة الإمارات تؤمن بذلك، ونعتقد أن هذا هو الطريق إلى المستقبل. اشتغلت ضمن الحكومة لعشرين عاماً، ولم يسبق أن حضرت اجتماعاً، لمناقشة السياسات، ثم نعود لما يقوله الدين لمعرفة ما يقوله في قطاع الطاقة، أو ما يقوله القرآن بشأن البنى التحتية. الأمور لا تسير بهذه الطريقة".

واستدرك قائلاً: "نحن نؤمن بأن الدين مسألة شخصية. إذا أردت أن أصلي في بيتي 5 مرات في اليوم أو 50 مرة أو ألا أصلي أبداً، فهذا شأني، وليس شأن الدولة. وأعتبر أن هذا هو التحدي الذي نواجهه في المنطقة، ما إذا كنا نريد مجتمعات متقدمة أو مجتمعات أيديولوجية ودينية".

"اتفاق نووي أفضل"

وعن الاتفاق النووي الإيراني، قال العتيبة، إن "الولايات المتحدة لديها فرصة من أجل الوصول إلى اتفاق أفضل مع إيران مقارنة بـالاتفاق المبرم عام 2015، محذراً من أن عودة واشنطن إلى الاتفاق السابق من شأنها أن تفتح المجال أمام دول أخرى لطلب البدء في تخصيب اليورانيوم.

وتُجري الولايات المتحدة محادثات غير مباشرة مع إيران لإنقاذ اتفاق النووي لعام 2015، الذي انهار مع انتهاك إيران للقيود المفروضة على تخصيب اليورانيوم والذي جاء رداً على انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من الاتفاق وإعادته لفرض عقوبات على إيران.

وأكد العتيبة أن بلاده تجري "محادثات وثيقة" مع فريق إدارة بايدن، بشأن المفاوضات مع إيران، وقال: "نحن مرتاحون، لأنهم يفهمون أن الوضع القائم في 2021 يختلف عن الوضع في 2015، حين تم التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران".

ولفت إلى أن الإدارة الأميركية ورثت ضغوطاً قصوى فرضتها الإدارة السابقة على إيران، مضيفاً أن "هذا يعطي للولايات المتحدة اليد العليا في المفاوضات" الجارية.

وأوضح العتيبة أن "إيران تعيش أسوأ الظروف الاقتصادية في الوقت الراهن. وهو ما يجعل الولايات المتحدة في وضع يسمح بالوصول إلى اتفاق أفضل".

وأضاف أن الولايات المتحدة بإمكانها الآن أن "تقود المفاوضات إلى اتفاق يشمل أيضاً بعض أوجه القصور التي كانت في الاتفاق النووي لعام 2015، ومن ضمنها برنامج إيران لتطوير الصواريخ، والحروب بالوكالة التي تخوضها طهران في المنطقة".

الرئيس الإيراني حسن روحاني يستمع إلى رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، أثناء زيارته معرضاً للإنتاج النووي في طهران - 10 أبريل 2021 - AP

وتابع أن من بين أوجه القصور في الاتفاق السابق هو "السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم، بنسبة تجعلهم أقرب إلى تطوير سلاح نووي، بينما شركاء الولايات المتحدة وحلفاؤها، الذين يحاربون بجانبها، يتوفرون على برنامج نووي بدون تخصيب".

وشدد العتيبة على أنه في حال عودة واشنطن إلى اتفاق 2015 مع طهران، فإنه "لا شيء سيمنع أي دولة في المنطقة من أن تطلب الصفقة نفسها، وفرض القيود نفسها عليها، مقابل تخصيب اليورانيوم".

وأشار إلى أن الولايات المتحدة سيصعب عليها أن ترفض منح دول أخرى هذه الصفقة لدول صديقة، ما دامت قد منحتها لإيران.

"عقيدة العداء"

واستبعد العتيبة احتمال حدوث تحول في السياسات الخارجية لإيران في أعقاب الانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران، قائلاً إن "إيران ترى الولايات المتحدة خصماً لها بغض النظر عمن يحكم في واشنطن".

وقال إن "النظام الإيراني يحتاج إلى العداء مع الولايات المتحدة، بغض النظر عن القيادة الجديدة التي ستظهر عقب الانتخابات القادمة، لأن هذا العداء جزء من هوية وعقيدة النظام الإيراني".

وأضاف العتيبة: "بالتالي، ليست هناك مؤشرات على حدوث أي تغير في السياسات الخارجية الإيرانية، لكننا نريد العيش معهم في سلام، بما أننا نعيش في منطقة واحدة".

وتابع: "نحن نعلم ما نريد من إيران. وهو التوقف عن التدخل في شؤون الدول والتوقف عن تطوير الصواريخ، والتوقف عن الحروب بالوكالة. لكننا لا نعلم ما الذي تريده طهران منا". 

"فاتيكان الشيعة"

وحذر السفير الإماراتي لدى واشنطن، من أن إيران لعبت دوراً كبيراً في انتشار الفكر المتطرف في منطقة الشرق الأوسط.

وأوضح أن إيران "تروج التطرف الشيعي، عن طريق محاولتها التصرف وكأنها الفاتيكان بالنسبة للمسلمين الشيعة"، مشيراً إلى أن "هذه التحركات الإيرانية تسببت في ظهور التطرف السني، وهكذا ظهر تنظيم القاعدة وبعده تنظيم داعش، وما سيأتي بعد داعش. كلا التيارين المتطرفين دخل في مواجهة، وهي ما أسفر عن الواقع الذي نعيشه اليوم".

وأضاف أن الإمارات "خلصت قبل سنوات عدة إلى أن الإسلام تعرض للاختطاف، فأصبح الانطباع الدولي عن الإسلام مبنياً على الأحداث الإرهابية. وهو أمر غير صحيح. ولهذا، نحاول منذ سنوات الترويج للدين الإسلامي المعتدل القائم على التسماح، لذلك استبقلنا بابا الفاتيكان في فبراير 2019، ونحتضن مؤتمرات دولية عن التسامح، وفي 2020، جاء اتفاق أبراهام، الذي أضاف طابعاً سياسياً إلى رسالة التسامح التي كنا نحاول الترويج لها منذ سنوات".

خلفيات اتفاق أبراهام

وفي السياق نفسه، أوضح العتيبة أن "الإمارات العربية المتحدة كانت في مسلسل تقارب مع إسرائيل خلال السنتين الماضيتين، غير أنها كانت ترى في النقاش الدائر في إسرائيل عن خطط ضم الأراضي الفلسطينية تهديداً لهذا التقارب".

وأضاف أن "المفاوضات بين الجانبين بدأت من هذه النقطة، وانتهت بالتوقيع على اتفاق أبراهام"، الذي أقامت بموجبه الإمارات علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل، مقابل وقف ضم الأراضي الفلسطينية.

وقال: "هكذا تمكننا من القيام بشيء يتوافق مع مصالحنا، وفي الوقت ذاته منعنا خطوات الضم".

الانسحاب من الشرق الأوسط

وأكد العتيبة أن هناك نقاشاً داخلياً في الولايات المتحدة بشأن الانسحاب من الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن مروجي هذه الفكرة يرجعون ذلك إلى انخفاض واردات النفط الأميركية من المنطقة.

وأضاف أن "ما يحدث في الشرق الأوسط لا يبقى في الشرق الأوسط"، مشيراً إلى تأثر الاقتصاد الأميركي والعالمي من انسداد قناة السويس الشهر الماضي. وأكد أن "الشرق الأوسط لا يزال مهماً للولايات المتحدة ولديه إمكانات ليصبح سبباً للتغيير الإيجابي".

ولفت إلى أن الولايات المتحدة "تريد أن تنسحب من المنطقة، في وقت يريد أصدقاؤها أن يستمر حضورها وقيادتها في المنطقة"، محذراً من أن "بعض القوى الأخرى من شأنها أن تأخذ مكانها".

وفي هذا السياق، أكد أن الإمارات تعقد محادثات مع روسيا بشأن التعاون معها في المنطقة. كما لفت إلى أن الإمارات لا يمكنها أن تتجاهل ثاني أقوى اقتصاد في العالم، في إشارة إلى الصين، قائلاً "إننا ننظر إلى الصين باعتبارها شريكاً مهماً لتطوير اقتصادنا". وأكد أن الولايات المتحدة تتفهم ذلك. 

أفغانستان

وبخصوص الانسحاب الأميركي المرتقب من أفغانستان، قال العتيبة إن مغادرة القوات الأجنبية أفغانستان في الموعد المحدد في الأول من مايو، بموجب الاتفاق الذي أبرمته الولايات المتحدة مع طالبان، سيضع الحكومة الأفغانية في موقع ضعف، لأنها لم تشارك في مفاوضات السلام مع طالبان.

وحذر العتيبة من عكس مسار إحلال السلام في أفغانستان، مشدداً على ضرورة وصول الأطراف الثلاثة (الولايات المتحدة، وطالبان، والحكومة الأفغانية) إلى اتفاق سلام، قبل انسحاب القوات الأجنبية.

وقال إن باكستان من شأنها أن تلعب دوراً إيجابياً في مسار إحلال السلام في أفغانستان، بالنظر إلى أن مصلحتها تكمن في استقرار أفغانستان.

 

 

 

الشرق - دبي

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment