السياسات الإقتصادية العالمية لمواجهة إنتشار فيروس كورونا – كوفيد 19

03/08/2021 - 10:55 AM

بيروت تايمز

 

 

الكاتب: فؤاد الصباغ

 

شهدت وسائل الإعلام والساحة السياسية والإقتصادية منذ أواخر سنة 2019 إلي غاية اليوم إهتماما كبيرا وملحوظا بفيروس القرن المسمي بالكورونا أوكوفيد-19، نظرا لما تسبب به من شلل كامل وشامل للحياة اليومية وكبح جميع دواليب الدول علي بكرة أبيها. إذ في هذا الصدد لم تكن هذه المرة الأولى لبروز تلك النوعية من الفيروسات بحيث شهد العالم منذ الأزل العديد من الأوبئة منها إنتشار وباء الطاعون الذي تسبب في مقتل 200 مليون شخص في العالم وأوبئة أخري أقل خطورة مثل الكوليرا والسل والجدري وصولا إلي الفيروسات الحديثة تحت مسمي الفيروسات التاجية مثل السارس وإنفلونزا الطيور والخنازير ومتلازمة الشرق الأوسط والإيبولا.

أما فيروس كورونا الحديث فهويتمتع بخصائص نوعية تختلف جذريا عن سابقاتها منها سرعة إنتشاره عبر العدوى بطريقة رهيبة وغريبة متجاوزا بذلك الحدود بين البلدان وتكاثره في الخلايا البشرية بالمليارات في بضع ثواني وبقائه في الهواء وعلي سطح الأماكن العامة والخاصة لمدة تتجاوز أحيانا 24 ساعة، ليضرب بذلك في صميم قلب الإقتصاد العالمي ويطرحه علي فراش الركود أوربما الهاوية.

لكن في المقابل لا تبدوالصورة الإستشرافية الإقتصادية علي المدى القصير أوالطويل سوداء كثيرا نظرا لبعض الإجراءات التحفيزية للإقتصاد العالمي من جانب صندوق النقد الدولي عبر الإقراض السريع لبعض الدول المتضررة من هذا الوباء أوأيضا لمخرجات مجموعة العشرين الإفتراضية تحت قيادة المملكة العربية السعودية عبر الأقمار الصناعية والتي خصصت خمسة تريليونات دولار كمخطط إنقاذ سريع أوتأسيس صندوق تحوط لمكافحة وإحتواء هذا الفيروس العالمي القاتل وكبح إنتشاره.

 إن التوقعات علي مستوي المؤشرات الإقتصادية العالمية تشير إلي إنخفاض نسبة النموالإقتصادي العالمي بنسبة 20% وزيادة العجز التجاري نظرا لتباطؤ الحركية الدولية مع إحتمال إفلاس بعض شركات الرحلات والأسفار وشركات الخطوط الجوية إذا تواصلت تلك الأزمة إلي موفى هذه السنة. فمن أبرز المتضررين من جائحة كورونا نذكر بالأساس قطاع السياحة والخدمات بحيث أصبحت مهجورة تقريبا ولا تبشر بموسم قادم جيد.

أما بخصوص الأسواق المالية فكانت التأثيرات واضحة عليها خاصة منها تلك الهيستيريا الكبيرة في التذبذب لأغلب المؤشرات الخاصة بالعملات والأهم من كل ذلك إنهيار مؤشر الداوجونز عبر ذلك السقوط العمودي السريع خلال شهر أفريل والذي لم تشهده منذ سنين طويلة. كما يعتبر ذلك المؤشر الصناعي الأمريكي المحفز الأساسي للشركات الصناعية والذي يعكس بدوره القيمة الحقيقية للإنتاجية العامة الأمريكية وأيضا تضرر أسعار النفط خاصة علي الدول المنتجة بحيث بلغ سعر البرميل إلي حدود 22 دولار وهذا يعتبر ضرر كبير علي عوائدهم المالية المتأتية من الثروات الطبيعية.

أما بقية المؤشرات التكنولوجية لم تشهد تضرر كبير بإعتبار أن الإقبال الشعبي أصبح مركز عليها بشكل كبير خاصة منها العمل عن بعد في مجال التعليم والتعليم العالي وإدخال البيانات لبعض الشركات العالمية عن بعد أوالخدمات البنكية والتجارية الإلكترونية. بالتالي تعتبر التكنولوجيا المستفيد الأكبر من إنتشار فيروس كورونا بحيث تشهد منتجاتها حاليا إقبالا كبيرا من حيث الشراء والإستخدام.

كذلك صناعات الأدوية ومشتقاتها شهدت إرتفاع كبير لنسبة أرباحها مقارنة بالسنوات الفارطة وذلك بشكل ملحوظ عالميا وأيضا نذكر مواد التعقيم والتنظيف والأوراق الصحية والمواد الغذائية التي شهدت بدورها مبيعات كبيرة جدا في فترة وجيزة جدا. فبالنتيجة لم تتضرر القطاعات الإنتاجية الغذائية والصحية وكان الضرر مقتصر فقط علي تباطؤ بعض الصناعات المعملية نظرا لتوقفها عن الإنتاج وتسريح عمالها تخوفا من إنتشار العدوى.

حاليا لا يمكن التقدير الإقتصادي الإستشرافي الصحيح لنتائج هذا الوباء لأن الحظر والحجر الصحي مازال محدودا وفي مراحله النهائية. لكن السؤال المطروح هل ستصمد الشركات الصناعية في ظل الإغلاقات المتتالية من فترة إلي فترة وخاصة مبادلاتها التجارية الدولية؟ وهل ستكون الدول الفقيرة والسائرة في طريق النموقادرة علي توفير اللقاح إلي جميع مواطنيها وتطويق إنتشار هذا الفيروس الخطير؟ .

إجمالا، تعتبر تأثيرات فيروس كورونا علي الإقتصاد العالمي واضحة نتيجة للركود وللإغلاق وتعطيل الحركية الملاحية والجوية بين الدول بصفة متكررة وتبدوالتأثيرات السلبية وخيمة خاصة من جانب إنخفاض توقعات نسب النموالإقتصادي الإجمالي وكبح برامج التنمية وإنخفاض المبادلات التجارية وإرتفاع نسب البطالة بحيث فقدت الملايين من الأشخاص وظائفهم من خلال التسريح المؤقت أوالكامل في إنتظار النتائج الصحية والأمنية المرتقبة بعد رفع الحظر والحجر الشامل والكامل.

أما التأثيرات الإيجابية فهي تتركز بالأساس من خلال إنتعاشة الصناعات الإلكترونية والغذائية والأدوية ومشتقاتها وخاصة التكنولوجيا مثل "ناتفليكس وزووم" وأيضا من خلال تكثيف ظاهرة العمل عن بعد والتزود بتجهيزاتها. بالنتيجة مازال الإقتصاد العالمي متماسكا إلي حد الآن بعد مرور أكثر من سنة علي إنتشار الفيروس القاتل المسمي بالكورونا أوكوفيد-19 والمصنف من قبل منظمة الصحة العالمية كوباء عالمي.

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment