هل صارت شعوبنا أعشاباً يابسة بشعة إلى هذا الحدّ ؟

01/16/2021 - 11:59 AM

Prestige Jewelry

 

 

بروفسور نسيم الخوري*

 

أعترف بأنّ حبري قد سئم منّي ولربّما سئم كلّ واحد منّا من نفسه وحيرته وعجزه أمام جرثومة تأبّطت بالبشريّة الدوّارة مثل النمل الأسود المجنون. تحسدون عصفوراً فوق غصنٍ أو هرّاً في الطريق وتنظرون رافعين أيديكم نحو السماء ثمّ تشتمون المختبرات بلقاحاتها والشاشات. أنظّف كلمتي من الزرائب وألفّها برأس الخجول أمام قارئي الفقير وحسب.

نحن نغرق قبل الكورونا في مستنقعاتٍ جرثومية متنوّعة ومتعدّدة هي أخطر من الكورونا تلفّ وطننا الصغير بينما العالم يعبر المحيطات لإخراجه من بين أسنان الحيتان، لكنّ الحيتان أضخم وأقوى ولا تشبع. لعلّ الحبر ينسينا الجراثيم المتناسلة سدوداً أمام تزاحم المختبرات في توزيع اللقاحات.

إنّه الموت المحتّم إذن على الطريقة "الديمقراطية" اللبنانيّة؟ أشعر بكلمة الديمقراطية وكأنها مطرقةّ تفجّ رأسي في الأكاذيب اللبنانية الملفوفة بها.

أنأى بنفسي إذن عن كوارث الكوفيد 19 و20 و10000 لأتلهّى بثلاث كلماتٍ أكاديمية حول الفقر والبطالة والسرقات في جرثومة لبنان فهي أشرس من قاذورات المختبرات واللقاحات في تنافس الدول والشركات العابرة للقارات.

1- بلغ الفقر في لبنان حدوداً قد تخيّم على اللبنانيين حتّى العام 2030، وقد طاول 380000 الفقر عائلة، مهدّداً الحياة وأكثر رأفةً من الجراثيم وجراثيم الدولة الصمّاء الهرمة.

صار الفقر عنواناً لحاضرنا ومستقبلنا، يتداول بها كالموضة، وتتردّد يوميّاً في الإجتماعات الرسميّة ووسائل الإعلام تُرينا ثعالب أو ضباعاً بشريّة بالثياب المزركشة والياقات المنشّاة والكمامات المذيّلة بتواقيع أصحاب دور الأزياء العالمية، من دون سماع كلمة طريّة تبلّ يباس الناس في المستنقع اللبناني؟

لنوضح أنّ فروقات كبيرة بين الفقير العادي والفقير المدقع، بحيث لا يتجاوز مدخول الفقير 4 دولارا يوميّاً مقابل دولارين للمدقع تبعا لتقديرات البنك الدولي. وصل معدل الفقر المدقع إلى حدود ال 90% من المقيمين في لبنان.

لو سحبنا هذه التقديرات على اللبنانيين، لوجدنا حوالي 6 ملايين نسمة يعيشون تحت خط الفقر بمفهومه الدولي، إذ لا يحصّل الفرد الواحد منهم على 3000 ليرة لبنانية يوميّاً، أي دون معدّل الفقر المدقع 16000 ليرة لبنانية يوميا للفرد الواحد إذا احتسبنا الدولار ب8 آلاف ليرة لبنانية، والحكومة الهزيلة تبشّر اللبنانيين برفع الدعم عن الرغيف والبنزين. دولة لا دعائم فيها.

2- تتجاوز البطالة ال 75 بالمئة، الأمر الذي فتح الأبواب على مصراعيها للسرقات والخطف والإبتزاز والتشليح والسطو اليومي في وضح النهار وتكاثرت العصابات وانزوت السلطات القضائية وأربكت الأمنية ولم يبق للبنانيين البسطاء جميعاً سوى الصلاة ورفع الأيدي إلى فوق قبل سقوطهم رمماً في الساحات والأزقّة والشوارع.

3- بدأت كلمة السّر تدور لدى فطاحل تخريب لبنان وانهياره، وتمّ تحويل 50 مليار دولار من ثرواتهم بالليرة اللبنانية إلى العملات الأجنبية بدءاً من العام 2016 وتنعّموا بالفوائد الخارقة السقوف، ثمّ قاموا بتحويلها إلى الخارج بين وما زالو، ولربّما تمّ ذلك بتوصيات جهات خبيثة عملت على تخفيض التصنيف المالي للبنان وكانت النتيجة تقويض أعمدة الإقتصاد اللبناني. يتفاقم الأمر في تحويل الأموال، في الوقت الذي تتمطّى فيه المصارف لزيادة رساميلها بنسبة ال20 بالمئة عبر الإطباق على بقايا ودائع اللبنانيين المحجورة لديها على نسق الكوفيد.

كيف يمكن تقدير أموال المودعين المنهوبة سوى عبر ما نشرته صحيفة "الواشنطن بوست" التي خاطبت اللبنانيين: "أموالكم المهربة والمودعة في الخارج تزيد على 800 مليار دولارمحفوظة في جنّات الجزر الضريبية العالمية التي تديرها القوى الدولية، ومعظمكم يئن من جوع...."

يا لهذا لشعب المسكين المستكين وكأنّه العشب البشع اليابس؟.

 

*كاتب لبناني وأستاذ مشرف في المعهد العالي للدكتوراه

[email protected]

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment