استبعاد أي حلحلة مرتقبة للازمة وتوقع استمرارها حتى نهاية العهد...

05/19/2020 - 15:07 PM

Prestige Jewelry
 

 

خاص بيروت تايمز بقلم ميشلين أبي سلوم*

 

استبعد محلل خبير في الشؤون السياسية المحلية حصول أي حلحلة مرتقبة في الأزمة الضاغطة التي تواجه لبنان في الوقت الحاضر، وتوقع استمرار حال الاهتراء والتدهور المتواصل، من دون ترقب أي انفراجات تُبشر بحل وشيك للأزمة، بالرغم من كل الضجيج والادعاءات الفارغة التي تغدق على اللبنانيين صبحاً ومساءً.

وعزا الخبير أسباب هذا التشاؤم في توقعاته لعدة أمور، اولها الوضع السياسي الهش الذي ساد بعد الانتفاضة الشعبية في 17 تشرين الأوّل الماضي ودخول البلاد في حال من انعدام الوزن السياسي بفعل الخلل الفاضح في تركيبة السلطة الناجم عن تشكيل حكومة اللون الواحد التي تختزل في تركيبتها قوى سياسية تمثل توجهات وسياسة «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» وحلفائهما مقابل بقاء كافة القوى السياسية الأخرى خارج هذه التركيبة الحكومية، في حين كان الأمر يتطلب تشكيل حكومة مغايرة لهذه التركيبة وتعكس في مكوناتها مطالب ورغبات الانتفاضة الشعبية بالتغيير وتولي شخصيات يمكن الاستكانة لها وتوحي بالثقة في إدارة السلطة وتحقق الحد الأدنى من مطالب التغيير ومقاربة الأزمة الناشبة بصدقية ومسؤولية أكثر.

ولكن ما حصل انه تمّ تجاهل كل المطالبات بالتغيير، بالاشخاص والاسلوب معاً وكأن شيئاً لم يحصل واستمر الأداء السياسي على ما هو، ودخلت البلاد في مرحلة جديدة أكثر تشاؤماً بفعل الأداء الرئاسي المحكوم باداء ومصالح وسلوكيات المقربين الخاصة والعاجزة كلياً عن الارتقاء إلى مستوى التعاطي الإيجابي واستقطاب كافة التوجهات والأطراف السياسية والشعبية والوقوف على مسافة واحدة من الجميع، واستمر في نهجه السابق بإعطاء هؤلاء المقربين صلاحية إدارة السلطة والبت بالقضايا والمسائل المهمة، من دون التحسب لتداعياتها وتأثيرها على موقع الرئاسة والأخذ بعين الاضرار الكبيرة التي تسببت بها في المرحلة السابقة، باضعاف موقع الرئاسة واختلال السلطة وتراجع ثقة اللبنانيين بالرئيس شخصياً، ومن وجهة نظر الخبير عينه فإن ما زاد الطين بلة هي حكومة الرئيس حسان دياب التي تشكّلت والتي وصفت نفسها بأنها حكومة تقنيين «تكنوقراط» وانها تشكلت استجابة لمطالب الانتفاضة الشعبية كما شيعت لنفسها، لتأخذ مكانها في إدارة السلطة والمباشرة في معالجة الأزمة المتدحرجة نحو الأسوأ بأسلوب مختلف يوحي بالثقة ويعطي النّاس الأمل المفقود بإمكانية الخروج من الوضع المأزوم، الا انها لم تكن على مستوى هذه التسمية التي أطلقتها على نفسها باعتبارها عكست ببساطة تمثيلاً مكشوفاً للقوى والتيارات الداعمة لها، فيما انغمس رئيسها مبكراً في لعبة السلطة وطموحاتها، وحياكة التفاهات الضمنية لتوفير بقائه في رئاسة الحكومة اطول مُـدّة ممكنة وتبنى سريعاً كل مفردات وخطابات العهد الفارغة ضد خصومه السياسيين وتحديداً «تيار المستقبل» للدلالة على تماهيه وانسجامه مع توجهات وسياسة العهد، فيما ظهر بوضوح تردده وعجزه عن التحرّك السريع لوضع الخطط المطلوبة للمباشرة بحل الازمة، وغاص في سلسلة لا تتوقف من اجتماعات اللجان والمستشارين بلا جدوى مستهلكاً فترة السماح الممنوحة للحكومة باستفزاز المعارضين للعهد بلا سبب واستدراج خصومتهم مبكراً، لتبرير تلكؤه وعدم قدرته على مقاربة الأزمة بالسرعة المطلوبة، الى ان استجدت ازمة تفشي وباء «كورونا» وادخلت البلاد في أزمة جديدة تضاف الى الازمة المالية والاقتصادية التي تزداد سوءاً عمّا قبل وتضغط بقوة على الوضعين الاقتصادي والمعيشي للمواطنين.

ويعتبر المحلل السياسي ان تلكؤ الفريق والحكومة في مقاربة المعالجات في الوقت المناسب، فاقم الأزمة أكثر من السابق وزاد تعقيداتها، لأنه لو باشرت الحكومة القيام بالخطوات العملية المطلوبة منها وأطلقت المفاوضات مع «صندوق النقد الدولي» في الوقت المناسب عندما كانت الظروف مؤاتية اكثر من الوقت الحاضر وبعيداً عن تداعيات ومتطلبات أزمة تفشي «كورونا» بالعالم، لاستطاعت تحقيق نتائج مقبولة في مُـدّة زمنية قصيرة والحصول على مساعدات من الصندوق بمعزل عن تزايد طلبات المساعدات لدول عديدة بالعالم، أصبحت بحاجة لمثل هذه المساعدات السريعة لمواجهة المتطلبات المتزايدة لتفشي هذا الفيروس صحياً واقتصادياً عليها.

ومن وجهة نظر المحلل، يبدو ان هناك شبه استحالة لحدوث أي تغييرات أو تبدلات سياسية محتملة في الوقت المنظور على الأقل، يمكن ان تؤدي إلى دخول لبنان في مرحلة سياسية جديدة لعدة أسباب أهمها،

- السبب الأول، تبعثر القوى السياسية اللبنانية، وعدم وجود تكتل سياسي معارض موحد للقوى غير الممثلة بالحكومة تستطيع أو ترغب حالياً بتغيير الواقع السلطوي والحكومي نظراً لحساسية الوضع القائم وصعوبة الأزمة المتفاقمة والأعباء الإضافية التي ترتبت على انتشار وباء «كورونا» وباتت تتطلب تضافر الجهود لمكافحة ومنع انتشار واسع لهذا الوباء.

- السبب الثاني، ظروف الصراع المحتدم في المنطقة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران وانعكاساته على دولها، ومنها لبنان، والتي تعتبر عائقاً اساسياً امام حدود أي تغييرات مرتقبة قبل جلاء نهايات هذا الصراع ونتائجه.

- السبب الثالث والاهم ويكمن في انقطاع الأمل بحدوث أي تغيير في الأداء السياسي للعهد الحالي يتماشى مع المتغيّرات الحاصلة وتواكب حل الأزمة بعقلية منفتحة تتناسب مع الحاجات والمطالب المتزايدة وتفتح كوة في جدار الأزمة المسدود.

وأخيرا وليس آخرا، يخلص المحلل ان المرحلة الحالية ستستمر هكذا في حال من المراوحة وإضاعة مزيد من الوقت سدى بلا فائدة والتوصل إلى حلول مرتقبة لحين انتهاء ولاية العهد الحالي، لأن هناك استحالة في تغيير الأداء السياسي المتدهور أو حتى قيام حكومة جديدة تعبّر عن تطلعات اللبنانيين وتحيي الآمال باجتراح الحلول المطلوبة للأزمة المستعصية.

 

*صحافية لبنانية

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment